أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ انْقَطَعَ سَيْفُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عُرْجُونَ نَخْلَةٍ فَصَارَ فِي يَدِهِ سَيْفًا، يُقَالُ إِنَّ قَائِمَتَهُ مِنْهُ، وَكَانَ يُسَمَّى الْعُرْجُونَ، وَلَمْ يَزَلْ يُتَنَاوَلُ حَتَّى بِيعَ مِنْ بَغَا التُّرْكِيِّ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ.
وَسَمِعْتُ الْعُتْبِيُّ يُصَحِّفُهُ، فَيَقُولُ: نَفِيلَةُ بِالنُّونِ.
مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ شِعْرٌ فِي الأَنْصَارِ أَوَّلُهُ:
يَا لَقَوْمِي لِخِفَّةِ الأَحْلامِ ... وَانْتِظَارِي لِزَلَّةِ الأَقْدَامِ
قَبْلُ كَانُوا مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ ... وَكَانُوا أَزِمَّةَ الإِسْلامِ
إِنَّ ذَا الأَمْرَ دُونَنَا لِقُرَيْشٍ ... وَقُرَيْشُ هُمْ ذَوُو الأَحْلامِ
مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، قَالَ: فَقَامَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي مَخْزُومٍ، لَيْسَ أَحَدٌ يُعْدَلُ بِهِ إِلا أَهْلُ السَّوَابِقِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الأَئَمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ، مَا أَبْعَدْنَا مِنْهَا الأَنْصَارَ وَلَكَانُوا لَهَا أَهْلا، وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ لا شَكَّ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَمْ يَبْقَ مِنْ قُرَيْشٍ كُلِّها إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ لَصَيَّرَ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ فِيهِ.
وَلِلْحَارِثِ بْنِ وَهْبٍ قِصَّةٌ مَعَ عُمَرَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ مِحْرَزِ بْنِ جَعْفَرٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَزَلَ عُمَرُ أَبَا مُوسَى عَنِ الْبَصْرَةِ، وُقُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَالْحَارِثَ بْنَ وَهْبٍ، أَحَدَ بَنِي لَيْثِ بْنِ بَكْرٍ، وَشَاطَرَهُمْ أَمْوَالَهُمْ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَفِيهَا قَالَ للحارث «مَا أَعبدُ وَقلاصٌ بِعْتَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ» ؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ بِنَفَقَةٍ مَعِي فَتَجَرْتُ فِيهَا.
قَالَ: «إِنَّا وَاللَّهِ مَا بَعْثَنَاكَ لِلتَّجَارَةِ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ» .
ثُمَّ أَمَرَهُ أن يحَمْلِهَا.
فَقَالَ: وَاللَّهِ لا عَمِلْتُ لَكَ عَمَلا بَعْدَهَا، قَالَ: «تَبَدَّلْ حَتَّى أَسْتَعْمِلَكَ»
٤١٣ - عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ تَاجِرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعَ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى فِلَسْطِينَ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ زِنْبَاعَ بْنَ رَوْحِ بْنِ سَلامَةَ الْجُذَامِيَّ يَعْشُرُ مَنْ يَمُرُّ بِهِ لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، قَالَ: فَعَمَدْنَا إِلَى مَا مَعَنَا مِنَ الذَّهَبِ، فَأَلْقَمْنَاهُ نَاقَةً لَنَا، حَتَّى إِذَا مَضَيْنَا نَحَرْنَاهَا وَسَلِمَ لَنَا ذَهَبُنَا، فَلَمَّا مَرَرْنَا عَلَى زِنْبَاعٍ، قَالَ: فَتِّشُوهُمْ، فَفَتَّشُونَا، فَلَمْ يَجِدُوا مَعَنَا إِلا شَيْئًا يَسِيرًا، فَقَالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ إِبِلَهُمْ، فَمَرَّتْ بِهِ النَّاقَةُ بِعَيْنِهَا، فَقَالَ: انْحَرُوهَا.
فَقُلْتُ: لأَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا ذَهَبٌ وَإِلا فَلَكَ نَاقَةٌ غَيْرُهَا وَكُلْهَا.
قَالَ: فَشَقُّوا بَطْنَهَا فَسَالَ الذَّهَبُ، قَالَ: فَأَغْلَظَ عَلَيْنَا فِي الْعُشْرِ، وَنَالَ مِنْ عُمَرَ.
فَقَالَ عُمَرُ فِي ذَلِكَ:
مَتَى أَلْقَ زِنْبَاعَ بْنَ رَوْحٍ بِبَلْدَةٍ ... لِي النِّصْفُ مِنْهُ يَقْرَعُ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ