للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقِيلَ لِلتَّاسِعَةِ: تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: زَوْجِي لا أَذْكُرُهُ، وَلا أَبُثُّ خَبَرَهُ، أَخَافُ أنْ لا أَذَرَهُ.

إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ، وَبُجَرَهُ.

وَقِيلَ لِلْعَاشِرَةِ: تَكَلَّمِي، وَهِيَ كَبْشَةُ ابْنَةُ الأَرْقَمِ، فَقَالَتْ: نَكَحْتُ الْعَشَنَّقَ، إِنْ سَكَتُّ عَلَّقَ، وَإِنْ تَكَلَّمْتُ طَلَّقَ.

قِيلَ لِأُمِّ زَرْعٍ وَهِيَ أُمُّ زَرْعٍ بِنْتُ أُكَيْمِلِ بْنِ سَاعِدٍ: تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَنَقَلَنِي إِلَى أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، مَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيْهِ، وَأَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيْهِ، وَبَجَّحَ نَفْسِي فَتَبَجَّحْتُ إِلَيْهِ، وَأَنَا أَنَامُ وَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ، وَأَقُولُ وَلا أُقَبَّحُ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، وَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، مِلْءُ إِزَارِهَا، وَصُفْرُ رِدَائِهَا، وَزَيْنُ أُمَّهَاتِهَا وَنِسَائِهَا، خَرَجَ مِنْ عِنْدِي أَبُو زَرْعٍ، وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَإِذَا هُوَ بِأُمِّ غُلامَيْنِ كَالْفَهْدَيْنِ، تَرْمِي مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِالرُّمَّانَتَيْنِ، فَتَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَنِي، فَاسْتَبْدَلْتُ بَعْدَهُ، وَكُلُّ بَدَلٍ أَعْوَرُ، فَتَزَوَّجْتُ شَابًّا سَرِيًّا، رَكِبَ أَعْوَجِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًا، وَأَرَاحَ نَعِمًا ثَرِيًّا.

وَقَالَ: كُلِّي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، فَجَمَعَتُ أَوْعِيتَهُ، فَمَا تَعْدِلُ وِعَاءً وَاحِدًا مِنْ أَوْعِيَةِ أَبِي زَرْعٍ "

لَمَّا قَدِمَ مُصَعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْكُوفَةَ، دَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيُّ، فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ: أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيُّ؟ قَالَ: فَوَجِلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: أَأَنْتَ الَّذِي تَقُولُ:

إِلَى رَجَبٍ أَوْ غُرَّةِ الشَّهْرِ بَعْدَهُ ... تُوَافِيكُمُ بِيضُ الْمَنَايَا وَسُودُهَا

ثَمَانُونَ أَلْفًا دِينُ عُثْمَانَ دِينُهَا ... مُسَوَّمَةٌ جَبْرِيلُ فَيْهَا يَقُودُهَا

قَالَ: قَدْ كَانَ ذَاكَ.

قَالَ: فَإِنَّا قَدْ غَفَرْنَا لَكَ ذَنْبَكَ، وَأَمَرْنَا لَكَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.

قَالَ: فَخَرَجَ، وَهُوَ يَقُولُ:

جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مُصْعَبًا إِنَّ خَيْرَهُ ... يُنَالُ بِهِ الْجَانِي وَمَنْ لَيْسَ جَانِيًا

وَيَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ الَّذِي يَعْلَمُونَهُ ... وَيُعْطِي مِنَ الْمَعْرُوفِ مَا لَيْسَ فَانِيَا

قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، اجْتَازَ بِابْنِ ظَبْيَانَ عُبْيَدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ عَمِيَ، فَقَالَ لِقَائِدِهِ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ ظَبْيَانَ، قَالَ: بَلِّغْنِيهِ.

فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ، قَالَ:

أَبَا مَطَرٍ شُلَّتْ يَمِينٌ تَقَرَّعَتْ ... بِسَيْفِكَ رَأْسَ ابْنَ الْحَوَارِيِّ مُصْعَبِ

وَلا ظَفِرَتْ كَفَّاكَ بِالْخَيْرِ بَعْدَهُ ... وَلا زِلْتَ تَسْعَى فِي تبَابٍ مُتَبَّبِ

قَتَلْتَ امْرَأً كَانَتْ نَوَافِلُ فَضْلِهِ ... تَجُودُ عَلَى مَنْ بَيْنَ شَرْقٍ وَمَغْرِبِ

أَغَرٌّ كَأَنَ الْبَدْرَ سُنَّةُ وَجْهِهِ ... إِذَا مَا بَدَا فِي الْجَحْفَلِ الْمُتَكَتِّبِ

قَالَ: قَدْ كَانَ ذَاكَ فَمَا أَفْلَحَنَا، وَلا أَنْجَحَنَا، فَهَلْ مِنْ مَخْرَجٍ؟ قَالَ: سَبَقَ السَّيْفُ الْعَذْلَ.

<<  <   >  >>