للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِلَّهِ قَوْمٌ غَادَرُوا ابْنَ حِمْيَرَ ... أَخَاهُمْ صَرِيعًا بِالسُّيُوفِ الْبَوَاتِرِ

لَقَدْ غَادَرُوا حَزْمًا وَحِلْمًا وَنَائِلا ... وَصَبْرًا عَلَى الْيَوْمِ الْعَمَاسِ الْقُمَاطِرِ

إِذَا هَابَ وِرْدَ الْمَوْتِ كُلُّ صَفَنْدَدٍ ... عَظَيِمُ الْحَوَايَا خَيْرُهُ غَيْرُ حَاضِرِ

مَضَى قُدُمًا حَتَّى يُعَامِسَ حَمْيَهُ ... وَجَادَ بِسَيْبٍ فِي السِّنِينَ الْقَوَاسِرِ

يَرَى الْجُودُ مَالا يَحْتَوِيهِ وَصَبْرُهُ ... عَلَى الْمَوْتِ حَقًّا فَاعْتَلَى كُلَّ فَاخِرِ

فَقَالَ لَهَا مَرْوَانُ: أَبَى اللَّهُ يَا لَيْلَى إِلا مَا أَرَادَ، فَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ دَرْكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ هَلَكَ تَوْبَةُ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ فِتْيَانِ الْعَرَبِ وَسِبَاعِهِمْ، وَلَكِنَّهُ أَدْرَكَهُ الشَّقَاءُ فَهَلَكَ، وَهُوَ ذَمِيمُ الْفِعَالِ، وَتَرَكَ لِقَوْمِهِ عَدَاوَةً أُخْرَى اللَّيَالِي، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ، فَقَالَ لَهُمْ: وَاللَّهِ لَئِنْ بَلَغَنِي عَنْكُمْ أَمْرٌ أَكْرَهُهُ مَنْ أَجْلِ تَوْبَةَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ، عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ، فَإِيَّاكُمْ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، وَالتَّشَبُّهَ بِأَهْلِهَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَاءَ بِالْإِسْلامِ، وَهَدَمَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَإِنَّ تَوْبَةَ قُتِلَ، وَكَانَ لِلَّهِ عَدُوًّا خَارِبًا، لا يِأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ، فَالْحَمْدُ لِلِّهِ الَّذِي كَفَى الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُ، ثُمَّ قَالَ:

مَضَى لا حَمِيدًا يَرْتَجِيهِ صَدِيقُهُ ... وَلا خَائِفًا مِنْهُ الْعَدُوُّ الْمُحَارِبُ

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرُ: وَهَذا الْبَيْتُ لِابْنِ الْبَرْصَاءِ الْمُرِّيِّ، قَالَهُ لِأَحْمَرَ بْنِ سَالِمٍ الْمُرِّيِّ الَّذِي يَقُولُ:

مُقِلٌّ رَأَى الْإِقَلالَ عَارًا فَلَمْ يَزَلْ ... يَجُوبُ بِلادَ اللَّهِ حَتَّى تَمَوَّلا

إِذَا جَابَ أَرْضًا أَوْ ظَلامًا رَمَتْ بِهِ ... مَهامِهُ أُخْرَى عِيسُهُ مُتَقَلْقِلا

وَلَمْ يُثْنِهِ عَمَّا أَرَادَ مَهَابَةً ... وَلَكِنْ مَضَى قُدُمًا وَمَا كَانَ مُسْبَلا

فَلَمَّا أَفَادَ الْمَالَ جَادَ بِفَضْلِهِ ... لِمَنْ جَاءَهُ يَرْجُو جَدَاةً مُؤَمِّلا

وَأَعْطَى جَزِيلا مَنْ أَرَادَ عَطَاءَهُ ... وَذُو الْبُخْلِ مَذْمُومًا يَرَى الْبُخْلَ أَفْضَلا

كَئِيبًا فَمَا يُرْجَا بِخَيْرٍ وَلا يُرَى ... بِجُودٍ لِمَنْ يَرْجُو جَدَاهُ تَفَضُّلا

فَشَتَّانَ ذُوُ الْبُخْلِ الذَّمِيمُ وَذُو النَّدَى ... إِذَا ذُكِرَا أَوْ نَازَعَا الْمَجْدَ مَحْفَلا

يُقَالُ ذَمِيمٌ لَيْسَ يُرْجَا فُضُولُهُ ... قَطُوبٌ إِذَا مَا جِئْتَهُ مُتَوَسَّلِا

بَدَاكَ بَلا وَالْبُخْلُ مِنْهُ سَجِيَّةٌ ... فَمَا يَسْتَطِيعُ الْجُودَ إِلا كَلا وَلا

وَذُو الْجُودِ يُعْطِي ضَاحِكًا مُتَبَرِّعًا ... إِذَا جَاءَ أَمْسَى لِلتَّبَرُّعِ أَجْمَلا

يَرَى الْحَقَّ بَذَلَ الْمَالِ وَالْجُودَ بِالنَّدَى ... إِذَا الْبَاخِلُ الْهَيَّابُ عَنْ ذَاكَ أَجْبَلا

فَلِلَّهِ مَفْقُودٌ جَوَادٌ بِمَالِهِ ... لَقَدْ مَاتَ مَحْمُودَ الْفِعَالِ مُرَقَّلا

فَلا زَالَ يُسْقَى مُسْتَهِلًّا سَحَابُهُ ... يَدَ الدَّهْرِ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ قُرْمُلا

وَلا زَالَ مَذْكُورًا بِخَيْرٍ وَصَالِحٍ ... حَمِيدًا ثَنَاهُ مَجْدُهُ لَمْ يُحَلْحَلا

وَلا زَالَ ذُو الْبُخْلِ الضَّنِينُ بِمَالِهِ ... ذَمِيمًا إِذَا سَامَ الرِّجَالُ مُذَلَّلا

مَضَى وَبَقَى مَا كَانَ حَازَ لَوَارِثٍ ... فَأَعْطَى ذَوِي الأَرْحَامِ يَوْمًا وَأَفْضَلا

فَقِيلَ جَزَى الرَّحْمَنُ خَيْرًا أَخَا النَّدَى ... وَلا زَالَ مَلْعُونًا أَخَا الْبُخْلِ مُتْبِلا

<<  <   >  >>