للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنَّ الأُلَى بِالطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... تَأَسَّوْا فَسَنُّوا لِلْكِرَامِ التَّأَسِّيَا

قَالَ عُرْوَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّ مُصْعَبًا لا يَفِرُّ أَبَدًا، فَكَانَ كَذَلِكَ.

وَلَمَّا أَجْمَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ السَّيْرَ إِلَى مُصْعَبٍ نَهَتْهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزَيْدَ، فَأَبَى عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَأَتْ جِدَّهِ فِي الْخُرُوجِ بَكَتْ، فَتَمَثَّلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِشِعْرِ كُثَيِّرٍ:

إِذَا مَا أَرَادَ الْغَزْوَ لَنْ تُثْنِ هَمَّهُ ... حَصَانٌ عَلَيْهَا نَظْمُ دُرٍّ يَزِينُهَا

نَهَتْهُ فَلَمَّا لَمْ تَرَ النَّهْيَ عَاقَهُ ... بَكَتْ فَبَكَى مِمَّا عَرَاهَا قَطِينُهَا

حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ: أَنَّ زِيَادَ بْنَ عَمْرٍو الْعَتَكِيِّ غَدَرَ بِمُصْعَبٍ، وَلَحِقَ بِعَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَقْطَعَهُ، وَلَمَّا بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَازِمٍ السَّلَمِيَّ قَتْلُ مُصْعَبٍ.

قَالَ: أَشَهِدَهُ الْمُهلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: أَفَشَهِدَهُ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ؟ قَالُوا: لا.

فَقَالَ:

خُذِيِهِ فَجُرِّيهِ سِبَاعُ وَأَبْشِرِي ... بِلَحْمِ امْرِئٍ لَمْ يَشْهَدِ الْيَوْمَ إِصْرُهُ

ثُمَّ قَالَ:

هُمَامَانِ لَوْ دَارَتْ رَحَا الْحَرْبِ بَرْكَهَا ... لَقَامَا وَلَوْ كَانَ الْقِيَامُ عَلَى الْجَمْرِ

قَالَ أَبُو الْحَكَمِ بْنُ خَلادِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّبْخَةِ حِينَ عَسْكَرَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ يُرِيدُ شَبيْبًا الْحَرُورِيَّ، قَالَ لَهُ النَّاسُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، لَوْ تَنَحَّيْتَ عَنْ هَذِهِ الْعَذِرَةِ.

فَقَالَ لَهُمُ الْحَجَّاجُ: مَا تُنَحُّونَنِي إِلَيْهِ أَنْتَنُ.

وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مُصْعَبٌ لِكَرِيمٍ مَفَرًّا ثُمَّ تَمَثَّلَ بَيْتًا قَالَهُ كَلْحَبَةُ الْعَرْنِيُّ:

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَغْشَ الْمَكَارِهَ أَوْشَكَتْ ... حِبَالُ الْهُوَيْنَى بِالْفَتَى أَنْ تقَطَّعَا

وَقَالَ أَعْشَى هَمْدَانَ فِي قَتْلِ مُصْعَبٍ، وذِكْرِ قِصَّتِهِ، وَغَدْرِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِهِ، وَاسْمُ الأَعْشَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ:

أَلا مَنْ لِهَمٍّ آخِرَ اللَّيْلِ مُنْصِبٍ ... وَأَمْرٍ جَلِيلٍ فَادِحٍ لِي مُشَيِّبِ

أَرِقْتُ لِمَا قَدْ غَالَنِي وَتَبَادَرَتْ ... سَوَاكِبُ دَمْعِ الْعَيْنِ مِنْ كُلِّ مَسْكَبِ

فَقُلْتُ وَقَدْ بَلَّتْ سَوَابِقُ عَبْرَتِي ... رِدَائِي مَقَالَ الْمُوجَعِ الْمُتَحَوِّبِ

أَلا بَهْلَةُ اللَّهِ الَّذِي عَزَّ جَارُهُ ... عَلَى النَّاكِثِينَ الْغَادِرِينَ بِمُصْعَبِ

جَزَى اللَّهُ عَنْهُ جَمْعَ قَحْطَانَ كُلِّهَا ... جَزَاءَ مُسِيءٍ قَاسِطِ الْفِعْلِ مُذْنِبِ

وَجَمْعَ مَعَدٍّ قَوْمِهِ غَابَ نَصْرُهُمْ ... غَدَاةَ إِذٍ عَنْهُ وَرَبِّ الْمُحَصَّبِ

جَزَاهُمْ إِلَهُ النَّاسِ شَرَّ جَزَائِهِ ... بِخُذْلانِ ذِي الْقُرْبَى الأَرِيبِ الْمُدَرِّبِ

إِمَامِ الْهُدَى وَالْحِلْمِ وَالسِّلْمِ وَالتُّقَى ... وَذِي الْحَسَبِ الزَّاكِي الرَّفِيعِ الْمُهَذَّبِ

لَحَى اللَّهُ أَشْرَافَ الْعِرَاقِ فَإِنَّهُمْ ... هُمُ شَرُّ قَوْمٍ بَيْنَ شَرْقٍ وَمَغْرِبِ

هُمُ مَكَرُوا بِابْنِ الْحَوَارِيِّ مُصْعَبٍ ... وَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلصَّرِيخِ الْمُثَوَّبِ

دَعَاهُمْ بِأَنْ ذُودُوا الْعِدَى عَنْ بِلادِكُمْ ... وَأَمْوَالِكُمْ فِي كُلِّ أَبْيِضَ مِقْضَبِ

فَوَلَّوْا يُنَادِي الْمَرْءُ مِنْهُمْ عَشِيرَهُ ... أَلا خَلِّ عَنْهُمْ لا أَبَا لَكَ وَاذْهَبِ

جَزَى اللَّهُ حَجَّارًا هُنَاكَ مَلامَةً ... وَفَرْخَ عُمَيْرٍ مِنْ مُنَاجٍ مُؤَلِّبِ

<<  <   >  >>