للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ الْوَلِيدُ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ أنْ يَعْرِضَ هَذَا فِي نَفْسِكَ.

فَإِنَّهُ غَيْرُ كَائِنٍ.

قَالَ: فَافْتَخَرَ الْوَلِيدُ مُبْتَدِئًا، فَقَالَ: أَنَا ابْنُ يَزِيدَ السَّيِّدِ الْعَمِيدِ مَنْ أَنَافَ فَفَاقَ شَرَفُهُ، وَكَرُمَ أَصْلُهُ، وَطَرْقُهُ.

وَسَهُلَ بَابُهُ وَكَفُّهُ، وَاشْتَدَّ مِنَ الضَّيْمِ أَنَفُهُ، هُوَ الَّذِي قُسِّمَتْ مَنَافِعُهُ، وَعَمَّتْ صَنَائِعُهُ، وَتَتَابَعَتْ وَقَائِعُهُ، كَانَتْ إِلَيْهِ تَعْمِدُ الْوُفُودُ، وَبِسِيَاسَتِهِ تُرَاضُ الْجُنُودُ، وَبِأَمْرِهِ تُعْهَدُ الْعُهُودُ، وَتَتَضَاءَلُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الأُسُودُ.

ثُمَّ لَعَبْدِ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ إِذَا سَابَقَ الأَكفَاءَ سَبَقَ، وَإِذَا نَطَقَ صَدَقَ، وَيَفْرِي كُلَّمَا خَلَقَ، وَتُحْيِي مَخَائِلُهُ، إِذَا وَدَقَ، وَيَرْتِقُ إِذَا فُتِقَ، وَلا يُفْتَقُ مَا رَتَقَ، كَانَ تُهْزَمُ الْجُيُوشُ بِاسْمِهِ، وَتَضِلُّ الْحُلُومُ فِي حِلْمِهِ، وَيِعِيشُ أَهْلُ الرَّأْيِ بِعِلْمِهِ، وَيَعْدِلُ فِي حُكْمِهِ وَقَسْمِهِ، وَيَعْرِفُ فَضْلَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.

هُوَ الَّذِي قَارَعَ عَنِ الْمُلْكِ فَفَلَجَ، وَأَدْمَجَ حَبْلَ الْجَمَاعَةِ فَانْدَمَجَ، وَأَرْتَجَ بَابَ الْبَاطِلِ فَارْتُتِجَ، وَلاقَ بِهِ الْمُلْكُ وَابْتَهَجَ.

ثُمَّ لِمَرْوَانَ بَقِيَّةُ قُرَيْشٍ، وَتَالِي الْقُرْآنِ، سَمَا لِلْمُلْكِ، فَذَلَّلَ صَعْبَهُ وَرَدَّ مِنْ كُلِّ رَئِيسٍ شَغْبَهُ، وَنَفَّسَ عَنْ كُلِّ مَكْرُوبٍ كَرْبَهُ، وَأَيَّدَ اللَّهُ بِالنَّصْرِ حِزْبَهُ، وَوَرَّثَ الإِمَامَةَ وَالْخِلافَةَ عَقِبَهُ، كَانَ يُسْتَظَلُّ بِظِلِّهِ، وَيَفِي بِعَهْدِهِ، وَيَجْبِي الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ، وَيَضَعُهُ فِي أَهْلِهِ، وَيُعْرَفُ هَدْيُهُ فِي سُبُلِهِ، ثُمَّ لِلْحَكَمِ الْمَاجِدِ الْعَلَمِ، كَانَ لا تُخْمَدُ نِيرَانُهُ، وَلا تُذَمَّ جِفَانُهُ، وَلا تُؤْمَنُ أَضْغَانُهُ، وَلا يُقَدَّرُ شَأْنُهُ، ثُمَّ لأَبِي الْعَاصِ، الْكَرِيمِ الْمَحَلِّ وَالْعِرَاصِ، كَانَ يُصْدَرُ عَنْ رَأْيِهِ، وَيُوثَقُ بِرَأْيِهِ، وَيُعَاشُ بِحِبَائِهِ، وَيُؤْمَنُ بِغِنَائِهِ، وَيُقْتَاسُ عَلَى بِنَائِهِ.

ثُمَّ لأُمَيَّةَ الَّذِي وَلِيَ كُلَّ عَلِيَّةٍ، وَلَدَ الْقُرُومَ فَأَنْجَبَ، وَغَالَى بِالْحَمْدِ فَأَرْغَبَ، وَزُوِّقَ عَلَيْهِ الْمَجْدُ وَطُنِّبَ، وَأَرْوَى زَنْدَهُ وَأَثْقَبَ، وَبَذَلَ مَالَهُ فَأَنْهَبَ.

ثُمَّ لِعَبْدِ شَمْسٍ فَارجِ كُلِّ لَبْسٍ، لَيَّاذِ قُرَيْشٍ إِذَا حُصِّلُوا، وَحَلِيمِهَا إِذَا جَهِلُوا، وَجَبَلِهَا إِذَا زُلْزِلُوا، وَزَعِيمِهَا إِذَا احْتَفَلُوا، وَرَبِيعِهَا إِذَا أُمْحِلُوا.

وَأَفْتَخِرُ بِفَتَى الْفِتْيَانِ، يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، كَانَ سَمْحَ السُّمَحَاءِ، وَلَبِيبَ الأَلِبَّاءِ، الَّذِي كَمَّلَ الْجُودَ وَالأَصَالَةَ وَالْبَرَاعَةَ، وَلَدَتْهُ الْقَرُومُ مِنْ قُضَاعَةَ.

<<  <   >  >>