والسلطان والناس على دين ملوكهم، اتجهت إلى المضرية سائر اللهجات الأخرى وفنيت في جنبها، ثم جاء عصر التدوين فكانت هي المدونة.
أسواق العرب:
وكان للعرب في جنوبي الجزيرة وشمالها أسواق تحفل بالقبائل، حاملة إليها من طرائف مفاخرها ومآثرها ما تحمله من بزها وطرائف بضائعها .. وأنى لها بطرائف البضائع وهي الأمة البدوية؟
ولعلي إذا قلت أن أكبر هم لهم في هذه الأسواق يكاد ينحصر في تخير اللغة وتهذيبها عملًا لا قولًا، لم أجئ بالغريب من القول، وعلى الأخص منذ كانت هذه الأسواق مجالس للتحدث بأيامهم وحروبهم، ونوادي يتبارى فيها خطباؤهم وشعراؤهم.
كان لهم في الجنوب:
١ - الشحر. ٢ - سوق عدن أبين. ٣ - سوق صنعاء. ٤ - .... سوق حضرموت.
وكانت لهم في أواسط الجزيرة: ١ - سوق ذي المجاز شرقي مكة بناحية عرفة. ٢ - سوق مجنة قرب مكة. ٣ - سوق حباشة إلى اليمين من مكة. ٤ - سوق عكاظ، وهو أكبرها وأشهرها وأجمعها للقبائل والشعراء والخطباء. فمن كان له أسير سعى إلى فكاكه فيها، ومن كانت له حكومة قصدها ليرتفع إلى المحكمين فيها. وموقع هذا السوق بين نخلة والطائف.
ومن أسواقهم في الشمال: ١ - سوق دومة الجندل - وفي الشرق سوق هجر ٢ - سوق عمان. ٣ - سوق المشقر.
لم تكن هذه الأسواق الوسيلة الوحيدة لاختلاط القبائل وتعارفها، بل كانت تمتزج وتختلط بالتجارات والأسفار، وبما كان يدخل القبيلة من غيرها بالسبي والاسترقاق في الحرب، وما كان يتصل بينهم بالمصاهرة والجوار في السلم.
قريش أصفى العرب لغة وأشدهم تأثيرًا في توحيد اللغة:
اتخذت قريش وهم سدنة الكعبة، البيت الحرام، وقطان أرض الحرم، مجمع العرب، رحلة الشتاء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى الشام. فنظموا برحلتيهم هاتين، جانبي الجزيرة في سلك تجارتهم. وكانوا ينزلون بالقبائل الضاربة في طريقهم فيتخيرون الحسن من الأقوال، والعذب من الألفاظ- وهم قدوة العرب في الفصاحة والبيان- ويحرصون كل الحرص على أن يكون لما يتخيرونه من ذلك، المكان الأول، فكان يؤخذ بما يتخيرون بالقدوة.