من قوم جمعته وإياهم جامعة اللغة والقومية، واستفزهم السرور بنصرة بني قومهم على الطارئين على ديارهم من الأحباش، الذين لا تربطهم بهم أية رابطة قومية مشتركة.
(((
الجاهلية
الجاهلية اسم حدث بعد الإسلام، ولم يكن يعرف عند العرب بمعناه المراد، وإنما أطلق هذا الاسم على الزمن الذي مضى على الأمة العربية قبل بعثة الرسول المصطفى، صلوات الله عليه. وهو غما من الجهل بأحوال ذلك الزمن على التحقيق، أو للضلالة التي كان عليها العرب قبل الإسلام من عبادة الأوثان، أو من الجهل الذي هو من نزوات الطبع والإغراق في الاندفاع مع الحمية الجاهلية. والقول الثاني هو الظاهر من كثرة إطلاقهم الجاهلية ما يقابل عصر الإسلام. فكأن معنى قولهم: عصر الجاهلية وعصر الإسلام هما عصر الضلالة وعصر الهدى. وهو ما ذهب إليه المفسرون عند تفسيرهم قوله تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون}. إذ قالوا: إن معناه: أفحكم عبدة الأوثان تطلبون وأنتم أهل كتاب؟ وقالوا في تفسير قوله تعالى:{إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية} أي عادة آبائهم في الجاهلية أن لا يذعنوا لأحد ولا ينقادوا له.
وهذا الاسم على إطلاقه يشمل كل الزمن الذي عبد العرب فيه الأوثان، أي زمن ضلالتهم، وهو زمن غير معلوم حده على التحقيق. وقد أجمع مؤرخو العرب على أن أول من أدخل عبادة الأوثان غلى مكة هو عمرو بن طي الخزاعي، بل قيل: إنه أول من أدخلها الجزيرة العربية. جاء بها من الشام حين ذهب ليستحم بمياهها المعدنية. ولكن هذا القول يفتقر إلى دليل، وهو إلى الأسطورة أقرب منه إلى التحقيق.
قلنا: إن هذا الاسم، على إطلاقه، يشمل كل أزمان الضلالة عند العرب. ولكن المألوف المتعارف بين أهل الأخبار وحملة التاريخ العربي أن إطلاقه لا يكاد يتجاوز أواخر المائة الخامسة بعد المسيح. وقال ابن خالويه:"إن هذا اللفظ حدث في الإسلام للزمن الذي سبق البعثة النبوية.".
وقد اصطلح أصحاب السير على أن يطلقوا اسم الجاهلي على من يدرك الإسلام، والإسلامي على من تأخر عن زمن البعثة ولم تدركه الجاهلية، والمخضرم على من أدرك أواخر الجاهلية وأوائل الإسلام. ومع هذا فلم يتفقوا على الحد الفاصل بين العصرين بعينه، فقال بعضهم: الحد هو