للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا خَلُوص فيها (١) ولا صَفاءَ، ولا لذَّةَ للطاعةِ.

وإنْ لم يرحمِ الله تعالى، يُستَجَرُّ صاحبُها إلى الكُفرِ والحِرمان والشقاوةِ والخُذلانِ.

يا (٢) عجبًا! كيف يُوفَّقُ للطاعةِ من هوَ في شُؤمِ المعاصي، وقسوةِ الذُّنوبِ؟!

وكيفَ يُدعَى إلى الخِدمَةِ مَن هوَ مُصِرٌّ على المعصيةِ، مُقيمٌ على الجِنايةِ (٣)؟!

وكيف يُقَرَّبُ لِلْمُناجاةِ مَن هو مُلطَّخٌ (٤) بالأقذارِ والنجاساتِ؟!

ففي الخبرِ عَنِ النبيِّ أنَّه قالَ: "إذا كذَبَ العبدُ يتنحَّى الملكانِ عن نَتَنِ ما يَخْرُجُ مِنْ فِيه" (٥)، فكيفَ يَصلُحُ هذا اللسانُ لِذِكرِ اللهِ تعالى، وإِنَّما يَلزَمُ التوبةُ؛ ليَقبَلَ (٦) عَنهُ عِبادَتَه؛ فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ، لَا يَقبَلُ الهديَّةَ.

وذَلِكَ أنَّ التوبةَ عَنِ المعاصي، وإرضاءَ الخُصومِ فرضٌ لازمٌ، وَعامَّةُ العبادةِ التي يَقصِدُها بمنزلةِ نَفلٍ مِنهُ لم (٧) يُقبَل مِنهُ تَبرُّعُه، والدَّيْنُ عليهِ حالٌّ لم يَقضِهِ.

ثُمَّ أعلم يا أخي: إذا أردتَ التوبةَ مِنَ المعاصي، والإنابةَ إلى اللهِ تعالى، فبرَّأتَ قلبكَ عَنِ الذُّنوبِ كُلِّها، وتُرضِي الخصومَ بما أمكَنَكَ، وتَقضِي الفوائتَ بما تَقْدِرُ،


(١) في هامش (ص): (منها) ورمز لها (ظ).
(٢) في (ص): (أيا).
(٣) في (س) و (ص): (الجفوة).
(٤) في (ص): (متلطخ).
(٥) رواه الترمذي في "السنن" باب: (ما جاء في الصدق والكذب، برقم: (١٩٧٢)، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، تفرد به عبد الرحيم بن هارون).
(٦) في (ص): (لتقبل).
(٧) قوله: (منه لم) هو في (س) و (ص): (فكيف).

<<  <   >  >>