والصومِ، وبعض آدابِ السلوك والتصوّف، وهو القدرُ الذي لا يَستغني عنه مكلّفُ؛ فإنّ العملَ مبنيٌّ على ركن الاعتقاد، والفقهَ بلا تصوّفٍ كرَمَاد، فإن اشتدّت به عواصف رياح الأهواء أخذتْهُ إلى حيّز التلاعب بالدين والرغبة في الهوى حتّى يُتّخذ الهوى إلهًا من دونِ اللهِ تعالى!
ولا يخفى على منصفٍ أنّ معرفة الأحكام دون تأدّبٍ لا تعني شيئًا في حقّ المرء لنفسه، بل الترقّي في الطاعات والحرص على المكرمات هو ما يبحث عنه العاقل، وهو ما يسعى للتحقّق به عند دراسة الفقه وسائرِ علوم الشرع، إلّا أنّ هذا الباب لا يُكتَب، بل هو بحاجةٍ إلى مربٍّ ناصحٍ، وعالمٍ عاملٍ، ولا يتأتّى ذلك إلا بالصبر على الممارسة والمجاهدةِ على التطبيق؛ وليسَ سبيلُهُ بحالٍ تسويدَ القراطيسِ وإفراغ المحابرِ!
فمن رامَ حقيقةَ الفقه ومنفعتَه لدنياه وآخرتِه فليتأدّبْ بآداب أربابِه، وليسلكْ سبيلهم في مجالسةِ أهلِه وتلقّي الأحوالِ عنهم، والتلقّي من أفواههم، فذلك سبيل المصطفى الذي قيل له: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى﴾.
ولذا وجب على المتفقّه بعد حُسْنِ الإيمان واليقين أن يتعلّمَ من علومِ التزكيةِ والسلوكِ ما يعينُهُ على الترقّي إلى التلذّذ بالتعبّد، ويسلُكُه في مسالك الذين صار هواهم تبعًا لما جاء به الحبيب ﵌. وهذا ما نجده في هذا الكتاب الذي بين أيدينا.
إلا أنّ المصنّف رحمه الله تعالى تحدّث في باب السلوك في خاتمة كتابه عن بعض تفاصيل أحوال السالكين، وآدابهم وطرقهم في السلوك؛ مستعملًا مصطلحات السادة الصوفيّة، ممّا يعسُرُ فهمُهُ على غير مخالِطِهم، فآثرتُ - لإتمام