للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

منه جميع ما ملك أهل الدنيا كان في معاينتك ذلك صغيرا، ولو رأيت أهل طاعة الله تعالى، وما صاروا إليه من كرم الله ﷿، ومنزلتهم مع قربهم من الله ﷿، ونضرة وُجوههم، ونور ألوانهم، وسرورهم بالنعيم المقيم، والنظر إليه والمكانة منه - لتقلَّلَ في عينك عظيم ما طلبت به صغيرَ ما عند الله، ولصغر في عينك جسيم ما طلبت به صغيرَ ذلك من الدنيا، فاحذر على نفسك حذرًا غير تغرير، وبادر بنفسك قبل أن تسبق إليها، وما تخاف الحسرة منه عند نزول الموت، وخاصم نفسك على مَهل، وأنت تقدر بإذن الله على جرِّ المنفعة إليها، وصرف الحجة عنها قبل أن يتولى الله حسابها، ثم لا تقدر على صرف المكروه عنها، واجعل من نفسك لنفسك نصيبًا بالليل والنهار، وصلِّ من النهار اثنتي عشرة ركعة، وأقرأ فيهنّ ما أحببت، إن شئت صلِّهن جميعا، وإن شئت متفرقات، فإنه بلغني عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: «مَنْ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ اثنتي عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا في الْجَنَّةِ» وصلّ من الليل ثمانَ ركعات بجزء من القرآن، وأعط كل ركعة حقها، والذى ينبغى فيها من تمام الركوع والسجود، وصلِّهن مثنى مثنى، فإنه بلغني عن النبى أنه كان يصلى من الليل ثمان ركعات والوتر ثلاث ركعات سوى ذلك يُسلم من كل اثنتين، وصم ثلاثة أيام من كل شهر: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فإنه بلغني عن النبى صلى الله عليه وسم أنه قال: «ذلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ» وأعط زكاة مالك طيبة بها نفسك حين يحول عليه الحول، ولا تؤخرها بعد حلها، وضعها فيمن أمر الله تعالى، ولا تضعها إلا في أهل ملتك من المسلمين، فإنه بلغني عن النبى صلى الله عليه وسم أنه قال: «إنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ مِنَ الصَّدَقَةِ بِحُكْمِ

<<  <   >  >>