تمهيد التنصير ظاهرة قديمة تتجدد، وقد بدأت صحيحة، ولكنها تأثرت بما طرأ على النصرانية من تحريف، وهذا التأثر أدى إلى التوسع في المفهوم، والخروج به عن القصد الذي أريد منه، ومع توسع المفهوم توسعت الأهداف، ولم تعد مقصورة على مجرد إدخال غير النصارى في النصرانية، كما أنه صار لها مفهوم خاص بالمجتمعات المسلمة، إذ يركز الآن على إخراج المسلمين من إسلامهم، أو يعمل على نزعة ثقة المسلمين بدينهم ورسولهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
وقد دأب التنصير والمنصرون على ذلك بمؤازرة من عدة وسائل داخل بعضها في الرسالة التي يحملها المنصرون، وبعضها يدخل في طبيعة الناس الذين يستهدفون بالتنصير من فقراء وجهلة ومرضى، كما يدخل جزء منها في عوامل مساندة كالاحتلال (الاستعمار) والاستشراق والصهيونية، وبعض الضعفاء من المسؤولين المسلمين.
ولم يقف المسلمون مكتوفي الأيدي من حملات التنصير فقاوموها، وإن كانت المقاومة على غير مستوى الحملات من نواح عدة. ولكن مبدأ المقاومة كان موجودا ولا يزال قائما مع اختلاف في القوة وفي النظرة إلى النصارى والمنصرين، تبعا للحال التي وصل إليها المسلمون. ومع تنامي ظاهرة العودة إلى الإسلام على مختلف المستويات، وبين الشباب على أوضح الصور، يتنامى الوعي بما يواجه الأمة من تحديات وتيارات، ومن بينها التنصير، فيزداد الوعي بالخطر مما يؤدي إلى زيادة التأكيد على المواجهة بإحلال البديل الصالح، وليس بالضرورة للتصدي للتنصير من منطلق الدفاع واتقاء الهجمات، بل إن المواجهة تسعى الآن ـ بفضل من الله ـ إلى سد الطريق على الذين يحاولون تحقيق أهداف التنصير في المجتمعات المسلمة.