للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمهيد لم يقف المسلمون - على العموم - مكتوفي الأيدي أمام الحملات التنصيرية. ورغم العرض لبعض الوسائل للتنصير والمنصرين، التي كان من بينها تساهل بعض المسؤولين المسلمين في مواقفهم من المنصرين، وتساهل بعض الأهالي، إلا أنه كانت هناك مواجهة مستمرة، ولا تزال قائمة، للحملات التنصيرية. ويبدو أن هناك اتفاقا بين المهتمين بالإسلام والمسلمين على المواجهة، لتكون هدفا من أهداف الدعوة إلى الله في الزمن الحاضر.

على أن المواجهة لا تتوقف عند مجرد حماية المجتمعات المسلمة من غائلة التنصير. بل إنها تتعدى ذلك إلى درء الفتنة، (١) وعلى أنه لا يفهم من كون التصدي


(١) ولعلنا بهذا نخرج من الشعور بأنا نتصدى للتحديات التي تواجهنا، فنكتفي بالتنبيه لها والتحذير منها، مما يدخل في انتظار الأفعال للرد عليها، إلى السعي إلى تقديم البديل الصالح الذي نعتقد أن فيه، لا في غيره، صلاح البلاد والعباد، وأنه سر السعادة في الدنيا والآخرة. وهذا المفهوم لا يأتي بمجرد الترديد النظري في المجتمع المسلم، بل لا بد أن تنطلق القدوة التي تحمل الإيمان على أكتافها بعد أن استقر في صدورها، فتقدم هذا الإيمان إلى الآخرين على أنه هو الخيار الوحيد في عالم مليء بمحاولات البحث عن الحقيقة والسعادة والاستقرار الروحي والنفسي والذهني والفكري، وتمثل ذلك كله بهذه الحركات والمذاهب التي جرى استغلالها على غير ما قصدت له في الغالب الكثير، كالتنصير الذي انطلق في البدء من رسالة عيسى ابن مريم - عليهما السلام - وحصل له ما حصل من تغيرات في المفهوم والأهداف، وإن لم يخرج في ناحية منه عن المفهوم الأساس له وهو إدخال غير النصارى في النصرانية. ولا أظن أننا بحاجة إلى استخدام المصطلح نفسه يطوع للدعوة إلى الله تعالى، كما حاول البعض في إثارة مفهوم التبشير الإسلامي أو التبشير المضاد. فالدعوة مفهوم يكفي في نشر الإسلام. انظر: عثمان الكعاك. صفحات سوداء من تاريخ المبشرين. - الهلال مج ٨١، ع ١٠ (أكتوبر ١٩٧٣ م - رمضان ١٣٩٣ هـ) . - ص ٣٨ -٥٠.

<<  <   >  >>