الحقيقي؛ لأن المعنى الحقيقي للفظ الابن باتفاق جميع لغات أهل العالم هو المتولد من نطفة الأبوين، وهو محال هاهنا، فلابد من الحمل على المعنى المجازي المناسب لشأن المسيح عليه السلام، أي بمعنى الإنسان الصالح البار.
والدليل على ذلك المعنى المجازي قول قائد المائة الوارد في إنجيلي مرقس ولوقا، ففي إنجيل مرقس ١٥ / ٣٩:(قال حقا كان هذا الإنسان ابن الله) ، وفي إنجيل لوقا ٢٣ / ٤٧:(فلما رأى قائد المائة ما كان مجد الله قائلا بالحقيقة كان هذا الإنسان بارا) .
فوقع لفظ البار عند لوقا مكان لفظ ابن الله عند مرقس، وبغض النظر عن أن هذا التناقض بين اللفظين هو بسبب التحريف المستمر الواقع في الأناجيل لإثبات ألوهية المسيح، فعلى فرض صحة اللفظين ففيهما دليل على جواز إطلاق لفظ ابن الله على الإنسان الصالح البار، وبخاصة أنه ورد في الموضعين وصف قائد المائة للمسيح بأنه إنسان.
وقد ورد في الأناجيل إطلاق لفظ ابن الله على غير المسيح من الصالحين، كما ورد إطلاق لفظ ابن إبليس على فاعلي الشر، ففي إنجيل متى ٥ / ٩ و٤٤ و٤٥:(٩) طوبى لصانعي السلام. لأنهم أبناء الله يدعون (٤٤) وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم (٤٥) لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات) .
فأطلق عيسى على صانعي السلام والصالحين العاملين بما ذكر لفظ أبناء الله، وعلى الله لفظ الأب بالنسبة إليهم.
ووقعت مكالمة بين المسيح عليه السلام وبين اليهود أقتطف بعض فقراتها من إنجيل يوحنا ٨ / ٤١ و٤٢ و٤٤:(٤١) أنتم تعلمون أعمال أبيكم. فقالوا