للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثلاثة أسئلة وجوابها: -

السؤال الأول: ما سبب كون معجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من جنس البلاغة؟ الجواب: أن بعض المعجزات تظهر في كل زمان من جنس ما يغلب على أهل ذلك الزمان؛ لأنهم يكونون قد بلغوا فيه الدرجة العليا، ويقفون على الحد الذي يمكن للبشر الوصول إليه، فإذا شاهدوا ما هو خارج عن الحد المذكور علموا أنه من عند الله، فمثلا عندما رأى سحرة فرعون في زمان موسى عليه السلام أن عصاه انقلبت ثعبانا يتلقف سحرهم، علموا أن هذا الأمر خارج عن حد صناعة السحر، وأنه معجزة لموسى من عند الله فآمنوا به وبمن أرسله.

وفي زمان عيسى عليه السلام كان علم الطب متقدما، فلما رأى أهل ذلك الزمان إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص علموا أنها ليست من حد صناعة الطب، وإنها معجزة لعيسى من عند الله؛ ليؤمنوا برسالته ويتبعوه.

وفي زمان محمد صلى الله عليه وسلم كانت البلاغة قد وصلت إلى الدرجة العليا، وكان بها فخارهم نثرا وشعرا، فلما أتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بهذا القرآن الذي أعجز جميع البلغاء علم أنه من عند الله قطعا، وأن من لم يؤمن به فهو عنيد مستكبر.

السؤال الثاني: ما حكمة نزول القرآن منجما مفرقا ولم ينزل دفعة واحدة؟

الجواب: إن لنزول القرآن منجما حكما كثيرة منها:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل في أمة أمية لا تعرف القراءة والكتابة، فلو نزل عليه القرآن جملة واحدة لصعب عليهم حفظه وضبطه، وربما تساهلوا فيه، فكان نزوله مفرقا أنسب لهم، حيث تمكن الصحابة بالتدريج من حفظه

<<  <   >  >>