ثم إن اللَّه عز وجل - وله الحمد - صنع أمرا من عنده خذل به العدو.
فمن ذلك أن رجلا من غطفان - يقال له نعيم بن مسعود - جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم -. فقال قد أسلمت، فمرني بما شئت. فقال «إنما أنت رجل واحد. فخذل عنا ما استطعت. فإن الحرب خدعة» .
فذهب إلى بني قريظة - وكان عشيرا لهم - فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه. فقال إنكم قد حاربتم محمدا. وإن قريشا إن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا انشمروا قالوا: فما العمل؟ قال لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن. فقالوا: قد أشرت بالرأي. ثم مضى إلى قريش فقال هل تعلمون ودي لكم ونصحي؟ قالوا: نعم. قال إن اليهود قد ندموا على ما كان منهم وإنهم قد أرسلوا إلى محمد أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ثم يمالئونه عليكم فإن سألوكم فلا تعطوهم. ثم ذهب إلى غطفان. فقال لهم مثل ذلك.
فلما كانت ليلة السبت من شوال بعثوا إلى يهود إنا لسنا معكم بأرض مقام وقد هلك الكراع والخف. فاغدوا بنا إلى محمد حتى نناجزه فأرسلوا إليهم إن اليوم يوم السبت وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه. ومع هذا فلا نقاتل معكم حتى تبعثوا لنا رهائن.
فلما جاءهم رسلهم قالوا: قد صدقكم واللَّه نعيم. فبعثوا إليهم إنا واللَّه لا نبعث إليكم أحدا. فقالت قريظة قد صدقكم واللَّه نعيم. فتخاذل الفريقان.
وأرسل اللَّه على المشركين جندا من الريح فجعلت تقوض خيامهم