وأسلم ورقة بن نوفل. وفي جامع الترمذي: " أن النبي صلى الله عليه وسلم «رآه في المنام في هيئة حسنة» .
ودخل الناس في دين الله واحدا بعد واحد. وقريش لا تنكر ذلك، حتى بادأهم بعيب دينهم وسب آلهتهم (١) وأنها لا تضر ولا تنفع. فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة. فحمى الله رسوله بعمه أبي طالب. لأنه كان شريفا معظما. وكان من حكمة أحكم الحاكمين: بقاؤه على دين قومه لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأملها.
وأما أصحابه: فمن كان له عشيرة تحميه امتنع بعشيرته، وسائرهم تصدوا له بالأذى والعذاب. منهم: عمار بن ياسر، وأمه سُمَيّة، وأهل بيته. عُذِّبوا في الله. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرّ بهم - وهم يعذبون - يقول:«صبرا يا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة» .
[سمية أول شهيدة]
سمية أول شهيدة ومرَّ أبو جهل بسُمَيّة - أم عمار رضي الله عنهما - وهي تعذب، وزوجها وابنها. فطعنها بحربة في فرجها فقتلها.
(١) لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ولا شتاما ولا لعانا. وهو الذي أنزل الله عليه: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم} (من الآية ١٠٨ سورة الأنعام) وإنما كان يتلو عليهم ما ينزله الله عليه من الآيات التي تكشف حقيقة أوليائهم وتجردهم مما كان شياطين الإنس والجن نسجوه حولهم في عقول الناس من أكاذيب تجعلهم عند الناس مقدسين كتقديس الله. بل تجعل لهم من صفات الله ما يعتقدون أنها تقدر على كل شيء، وتسمع وتجيب وغير ذلك مما يدعوهم إلى دعائهم والنذر لهم والحلف بهم وغير ذلك. فحين كان يتلو عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات، يشيع السدنة: أنه يسب آلهتهم ويعيبها.