القوم بي رحما، وإني جئت في حاجة، فلا أرجعن خائبا. اشفع لي إلى محمد. فقال: قد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر، ما نستطيع أن نكلمه فيه. فقال لفاطمة: هل لك أن تأمري ابنك هذا، فيجير بين الناس. فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر؟ فقالت: ما يبلغ ابني ذلك. وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: يا أبا الحسن، إني رأيت الأمور قد اشتدت علي، فانصحني.
قال: والله ما أعلم شيئا يغني عنك، ولكنك سيد بني كنانة، فقم وأجر بين الناس، ثم الحق بأرضك.
فقال: أوترى ذلك مغنيا عني شيئا؟ قال: لا، والله ما أظنه، ولكن ما أجد لك غير ذلك.
فقام أبو سفيان في المسجد، فقال: يا أيها الناس، إني قد أجرت بين الناس. ثم ركب بعيره، وانصرف عائدا إلى مكة.
فلما قدم على قريش قالوا: ما وراءك؟ قال: جئت محمدا فكلمته، فوالله ما رد علي شيئا. ثم جئت ابن أبي قحافة. فلم أجد فيه خيرا. ثم جئت عمر بن الخطاب، فوجدته أدنى العدو - يعني: أعدى العدو - ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم. وقد أشار علي بكذا وكذا. ففعلت. قالوا: فهل أجاز ذلك محمد؟ قال: لا. قالوا: ويلك، والله إن زاد الرجل على أن لعب بك.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز، وقال:«اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش، حتى نبغتها في بلادها» .