والهلع. فقال لهم: ويلكم، ما شأنكم؟ قالوا: رأينا رجالا بيضا على خيل بلق. والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى. فوالله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد.
ولما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي. وأمره أن يداخلهم حتى يعلم علمهم. فانطلق. فداخلهم حتى علم ما هم عليه. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره الخبر.
فلما أراد المسير، ذكر له: أن عند صفوان بن أمية أدراعا وسلاحا - وهو يومئذ مشرك - فقال له:«يا أبا أمية، أعرنا سلاحك هذا، نلق فيه عدونا غدا» فقال: أغصبا يا محمد؟ قال:«بل عارية مضمونة، حتى نؤديها إليك» فأعطاه مائة درع بما يكفيها السلاح. فخرج صلى الله عليه وسلم. ومعه ألفان من أهل مكة، وعشرة آلاف من أصحابه الذين فتح الله بهم مكة. فكانوا اثني عشر ألفا. واستعمل عتاب بن أسيد على مكة.
فلما استقبلوا وادي حنين، انحدروا في واد من أودية تهامة أجوف في عماية الصبح. قال جابر: وكانوا قد سبقونا إليه، فكمنوا في شعابه ومضايقه. قد تهيئوا. فوالله ما راعنا إلا الكتائب، قد شدوا علينا شدة رجل واحد، فانشمر الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثم قال:«يا أيها الناس: هلموا إلي، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله» .
وبقي معه نفر من المهاجرين، وأهل بيته، فاجتلد الناس. فوالله ما رجعت الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسرى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانوا حين رأوا كثرتهم قالوا:" لن نغلب اليوم عن قلة " فوقع بهم ما