للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأدركوا الناس قبل أن يتفاقم أمرهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم يفرغ من أمره، قد أغلق دونه الباب أهله. فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، حتى ننظر ما هم عليه.

قال ابن إسحاق: وكان من حديث السقيفة: أن عبد الله بن أبي بكر حدثني عن محمد بن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: أخبرني عبد الرحمن بن عوف - وكنت في منزله بمنى أنتظره، وهو عند عمر في آخر حجة حجها عمر - قال: فرجع عبد الرحمن من عند عمر، فوجدني في منزله بمنى أنتظره، وكنت أقرئه القرآن. فقال لي: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين فقال: هل لك في فلان؟ يقول: والله لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا. والله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت. فغضب عمر، وقال: إني - إن شاء الله - لقائم العشية في الناس، فمحذرهم من هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم، قال عبد الرحمن: فقلت لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغائهم، وإنهم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس. وإني أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها أولئك عنك كل مطير، ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها. فأمهل، حتى تقدم المدينة. فإنها دار السنة، وتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت بالمدينة متمكنا، فيعي أهل الفقه مقالتك، ويضعوها على مواضعها. فقال عمر: أما والله - إن شاء الله - لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.

قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة. فلما كان يوم الجمعة، عجلت الرواح حين زالت الشمس. فأجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر، فجلست حذوه، تمس ركبتاه ركبتيه،

<<  <   >  >>