للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ماذا تأمرنا؟ وقد كان أعد فرسه وهيأ امرأته. فوثب على فرسه وحمل امرأته وراءه. ثم ولى هاربا. وقال: من استطاع منكم أن يفعل هكذا فليفعل ثم هرب حتى قدم الشام.

وذكر أنه قال لأصحابه لما رأى انهزامهم: ويلكم ما يهزمكم؟ فقال له رجل: أنا أخبرك، إنه ليس منا رجل إلا وهو يحب أن صاحبه يموت قبله، وإنا نلقى قوما كلهم يحب أن يموت قبل صاحبه.

ولما ولى طليحة هاربا، تبعه عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم. وكان طليحة قد أعطى الله عهدا: أن لا يسأله أحد النزول إلا فعل. فلما أدبر ناداه عكاشة بن محصن يا طليحة، فعطف عليه فقتل عكاشة ثم أدركه ثابت فقتله أيضا طليحة، ثم لحق المسلمون أصحاب طليحة فقتلوا وأسروا. وصاح خالد لا يطبخن رجل قدرا، ولا يسخنن ماء إلا وأثفيته رأس رجل (١) .


(١) التحريق بالنار مسألة خلافية، قال صاحب الفتح: واختلف السلف في التحريق فكرهه عمر وابن عباس وغيرهما مطلقا سواء كان ذلك بسبب كفر أو في حال مقاتلة أو كان قصاصا، وأجازه علي وخالد وغيرهما مطلقا سواء كان ذلك بسبب كفر أو في حال مقاتلة أو كان قصاصا، وأجازه علي وخالد وغيرهما، وقال: المهلب ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع، ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة، وقد سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين العرنيين بالحديد المحمى، وقد حرق أبو بكر البغاة بالنار في حضرة الصحابة، وحرق خالد بالنار ناسا من أهل الردة، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها، قاله الثوري والأوزاعي، وقال ابن المنير وغيره: لا حجة فيما ذكر للجواز لأن قصة العرنيين كانت قصاصا أو منسوخة لما تقدم، وتجويز الصحابي معارض بمنع صحابي آخر، انتهى فتح الباري ج ٦ ص ١٤٩ - ١٥٠ ط السلفية.

<<  <   >  >>