فإذا السلاح والخلق الكثير على الحصون فرأى أمرا غمه ثم استند ساعة. ثم أدركته الرجولة. فقال لأصحابه: يا خيل الله اركبي. يا صاحب الراية قدمها.
فقال مجاعة: إني لك ناصح. وإن السيف قد أفناك. فتعال أصالحك على قومي. وقد أخل بخالد مصاب أهل السابقة ومن كان يعرف عنده الغناء. فقد رق وأحب الموادعة مع عجف الكراع.
فاصطلحوا على الصفراء والبيضاء والحلقة والكراع ونصف السبي.
ثم قال مجاعة: إني آت القوم فعارض عليهم ما صنعت. قال فانطلق. فذهب ثم رجع. فأخبره أنهم أجازوه.
فلما بان لخالد أنما هم النساء والصبيان قال: ويلك يا مجاعة خدعتني. فقال: قومي، فما أصنع؟ وما وجدت من ذلك بدا.
وقال أسيد بن حضير وغيره لخالد: اتق الله ولا تقبل الصلح. فقال إنه قد أفناكم السيف. قالوا: وأفنى غيرنا أيضا. قال: ومن بقي منكم جريح. قالوا: ومن بقي من القوم جرحى، لا ندخل في الصلح أبدا. اغد بنا عليهم حتى يظفرنا الله بهم أو نبيد عن آخرنا. احملنا على كتاب أبي بكر " إن أظفرك الله بهم فلا تبق منهم أحدا ".
فبينما هم على ذلك إذ جاء كتاب أبي بكر يقطر الدم وفيه " إن أظفرك الله بهم فلا تستبق رجلا مرت عليه الموسى ".
فتكلمت الأنصار في ذلك وقالوا: أمر أبي بكر فوق أمرك.
فقال: إني والله ما ابتغيت في ذلك إلا الذي هو خير. رأيت أهل