فقالوا: ما وراءك؟ قال: تركتهم سكارى، وقد نزل بهم تجار معهم خمر، فاشتروا منهم. فإن كان لكم بهم حاجة فالليلة.
فنزلوا إليهم. فبيتوهم فقتلوهم. فلم يفلت منهم أحد.
ووثب الحطم فوضع رجله في الركابات وجعل يقول: من يحملني؟ فسمعه عبد الله (١) بن حذف. فأقبل يقول: أبا ضبيعة؟ قال: نعم. قال: أنا أحملك، فلما دنا منه قتله. وقطعت رجل أبجر العجلي. فمات منها.
وانهزم فلهم فاعتصموا بمفروق الشيباني.
ثم سار العلاء إلى مدينة دارين فقاتلهم قتالا شديدا، وضيق عليهم. فلما رأى ذلك مخارق ومن معه قالوا: إن خلوا عنا رجعنا من حيث جئنا.
فشاور العلاء أصحابه فأشاروا بتخليتهم. فخرجوا فلحقوا ببلادهم. وطلب أهل دارين الصلح. فصالحهم العلاء على ثلث ما في أيديهم من أموالهم وما كان خارجا منها فهو له.
وطفقت بكر بن وائل تنادي: يا عبد القيس أتاكم مفروق في جماعة بكر بن وائل. فقال عبد الله بن حذف:
لا توعدونا بمفروق وأسرته ... إن يأتنا يلق منا سنة الحطم
فالنخل ظاهرها خيل وباطنها ... خيل تكدس بالفرسان في النعم
وإن ذا الحي من بكر وإن كثروا ... لأمة داخلون النار في أمم
(١) وعند ابن جرير: أن عفيف بن المنذر قطع فخذه، ولم يجهز عليه، وأن قيس بن عاصم هو الذي أجهز عليه.