ما وقع في زمن الصحابة أيضا وهي قصة المختار بن أبي عبيد الثقفي. وهو رجل من التابعين، مصاهر لعبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه، مظهر للصلاح. فظهر في العراق يطلب بدم الحسين وأهل بيته، فقتل ابن زياد، ومال إليه من مال لطلبه دم أهل البيت ممن ظلمهم ابن زياد. فاستولى على العراق، وأظهر شرائع الإسلام، ونصب القضاة والأئمة من أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه وكان هو الذي يصلي بالناس الجمعة والجماعة، لكن في آخر أمره زعم أنه يوحى إليه. فسّير إليه عبد الله بن الزبير جيشا، فهزموا جيشه وقتلوه، وأمير الجيش مصعب بن الزبير، وتحته امرأة أبوها أحد الصحابة، فدعاها مصعب إلى تكفيره فأبت. فكتب إلى أخيه عبد الله يستفتيه فيها، فكتب إليه: إن لم تبرأ منه فاقتلها. فامتنعت، فقتلها مصعب.
وأجمع العلماء كلهم على كفر المختار - مع إقامته شعائر الإسلام - لما جنى على النبوة.
وإذا كان الصحابة قتلوا المرأة التي هي من بنات الصحابة لما امتنعت من تكفيره، فكيف بمن لم يكفر البدو مع إقراره بحالهم؟ فكيف بمن زعم أنهم هم أهل الإسلام، ومن دعاهم إلى الإسلام هو الكافر؟ يا ربنا نسألك العفو والعافية.