قال: فانطلق معي إلى الملك - وكان ذو نَفَر صديقا لعبد المطلب، فأتاه، فقال: يا ذا نفر، هل عندك غناء فيما نزل بنا؟ فقال: ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشيا، ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل، فإنه لي صديق، فأسأله أن يعظم خطرك عند الملك.
فأرسل إليه، فقال لأبرهة: إن هذا سيد قريش يستأذن عليك. وقد جاء غير ناصب لك ولا مخالف لأمرك، وأنا أحب أن تأذن له.
وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما. فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه. وكره أن يجلس معه على سريره. وأن يجلس تحته. فهبط إلى البساط فدعاه فأجلسه معه. فطلب منه أن يرد عليه مائتي البعير التي أصابها من ماله.
فقال أبرهة لترجمانه، قل له: إنك كنت أعجبتني حين رأيتك، ولقد زهدت فيك. قال: لِمَ؟ قال: جئت إلى بيت - هو دينك ودين آبائك، وشرفكم وعصمتكم - لأهدمه. فلم تكلمني فيه، وتكلمني في مائتي بعير؟ قال: أنا رب الإبل. والبيت له رب يمنعه منك.
فقال: ما كان ليمنعه مني.
قال: فأنت وذاك. فأمر بإبله فردت عليه.
ثم خرج وأخبر قريشا الخبر، وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب، ويتحرزوا في رءوس الجبال، خوفا عليهم من مَعَرَّة الجيش.
ففعلوا. وأتى عبدُ المطلب البيتَ. فأخذ بحلقة الباب وجعل يقول: