للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذِهِ الكتبِ بتخريجِ الأحاديثِ التِي اشتملَ علَيهَا الكتابُ، والحكمِ علَيهَا تصحيحًا وتضعيفًا، وتِلكَ خُطَّةٌ جيِّدةٌ، وطريقةٌ سويَّةٌ، لَو أنَّ سالِكِيهَا اتَّبعُوا الأُصولَ العلميَّةَ في التخريجِ والحُكمِ علَى الأحاديثِ، لكنَّ الباحثَ الفاهِمَ يعلمُ أنَّ كثيرًا مِن هذِهِ الأعمالِ بعيدةٌ كلُّ البعدِ عن الطرقِ العلميَّةِ التِي بيَّنَهَا أهلُ العلمِ، واتبعُوهَا في أعمالِهم. فصارَ عملُ هؤلاءِ أشبَه بعزوٍ وملءٍ للحواشِي بأسماءِ الكتبِ، وأرقامِ الأجزاءِ والصَّفحاتِ؛ هُروبًا مِن مشقَّةِ التصحيحِ والضبطِ، وإخفاءً للعيوبِ التِي تعتَرِي أعمالَهُم، فالحواشِي منفوخةٌ بالتخريجَاتِ والأرقامِ، والكتابُ يكادُ يكونُ أعجميًّا مِن كثرةِ مَا فِيهِ مِن تصحيفاتٍ وتحريفاتٍ، وحذفٍ وسقطٍ، وزيادةٍ وإقحامٍ، وتقديمٍ وتأخيرٍ، وتصرُّفٍ غيرِ محمودٍ.

فِي خِضَمِّ هذِهِ الأحوالِ المؤسفَةِ، فاجئَنِي أخِي وحبِيبِي: عمرُو ... عبدُ العظِيمِ نيازِي شريفُ، بعملٍ، هوَ عبارةٌ عن تحقيقٍ علميٍّ لكتابِ ... (فضائلُ البيتِ المقدَّسِ) لأبِي بكرٍ محمدِ بنِ أحمدَ بنِ محمدٍ الواسطيِّ المقدسيِّ، اعتمادًا علَى أصلِهِ الخطّيِّ الوحيدِ، والذِي لا يوجدُ فيما يُعلمُ سواهُ. وهو عملٌ قَد جمَعَ فِيهِ صانعُهُ كلَّ مُقوِّماتِ العملِ العلميِّ مِن حيثُ التصحيحِ والضَّبطِ، والرُّجوعِ إلَى مادَّةِ الكتابِ، والفروعِ التِي أُخذَت عَنهُ؛ لضبطِ مَا يحتاجُ إلَى ضبطِهِ مِنَ الأسانيدِ والمتونِ وأسماءِ الرِّجالِ، وتخريجِ الأحاديثِ والآثارِ الواردةِ فِيهِ، والحكمِ علَيهَا تصحيحًا وتضعيفًا، مُترجِمًا لرواةِ الأسانيدِ، وأيضًا لرواةِ الكتابِ إلَى مؤلِّفِهِ، فضلًا عن تلكَ الترجمةِ التِي أثبتَها لمؤلِّفِ الكتابِ ـ وقد ذَكَر أنَّه استفادَهَا منَ الأستاذِ / عصامِ محمدِ الشَّنْطيِّ ـ حفظَهُ اللهُ تعالَى ـ، كلُّ ذلكَ بأسلوبٍ ليسَ فِيهِ تطويلٌ مملٌّ، ولا اختصارٌ مخلٌّ.

<<  <   >  >>