للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الخامس

موضوعُ الكِتَابِ

يُعَدُّ كتابُ الوَاسِطِيِّ هذا ثانِيَ مُصَنَّفٍ في فَضَائِلِ بَيتِ المَقدِسِ عَلَى وجهِ الاستِقلَالِ يَصلُ ذِكرُهُ إلينَا (١)، ولَم يَصِل إلَينَا قَبلُ كتابٌ مُستَقِلٌّ في هَذَا المَوضُوعِ، إِلّا مَا وُجِدَ مَبثُوثًا في ثَنَايَا الكُتُبِ، مثلِ: (عيونُ الأخبارِ) ... لِابنِ قُتَيبَةَ، و (العِقدُ الفَرِيدُ) لِابن عَبدِ رَبِّهِ، وغَيرِهِمَا.

وعَادَةٌ في أوَائلِ المُصنَّفاتِ في أَيِّ فَنٍّ أن تَشُوبَهَا بعضُ المُلَاحَظَاتِ.

فَقَد «قَسَّمَ الوَاسِطِيُّ مَادَّةَ كِتَابِهِ إِلَى أَبوَابٍ بَلَغَت أَربَعَةً وَثَلَاثِينَ بَابًا، كُلُّ بَابٍ يَحمِلُ عُنوَانًا لِمَادَّتِهِ. وَهِيَ أَبوَابٌ مُتَفَاوِتَةٌ طُولًا وَقِصَرًا، وَيَحُسُّ قَارِئُهَا بِوُضُوحٍ أَنَّهَا غَيرُ مُحكَمَةِ التَّرتِيبِ، فَلَا هِيَ مُرَتَّبَةٌ وِفقَ مَصَادِرِهَا المُختَلِفَةِ، أَو وِفقَ تَرتِيبٍ زَمَنِيٍّ تَارِيِخِيٍّ يُلتَزَمُ فِيهَا مِن أَقدَمِ العَصُورِ إِلَى العَصرِ الإِسلِامِيِّ المُبَكِّرِ، فَاللَّاحِقِ لَهُ.

ثُمَّ إِنَّ البَابَ نَفسَهُ لَا تَنطَوِي أحادِيثُهُ وَأخبَارُهُ كُلُّهَا تَحتَ عُنوَانِ البَابِ، فَنَجِدُ بَعضَهَا أَولَى أَن يُذكَرَ في بَابٍ آخَرَ، وَلَعَلَّ هَذَا هُو سَبَبُ تَوَزُّعِ بَعضِ الأحَادِيثِ والأَخبارِ ذَاتِ المَوضُوعِ الوَاحِدِ عَلَى أَكثَرَ مِن بَابٍ، وَمِثلُ هَذَا الاضطِرابِ شَائِعٌ في الكِتَابِ، لَا نَحتَاجُ إِلَى ضَربِ الأَمثِلَةِ لِنُدَلِّلَ عَلَيهِ.


(١) ذكر كلٌّ من: الدكتور محمود إبراهيم في كتابه (فضائل بيت المقدس في مخطوطات عربية قديمة)، والأستاذ عصام محمد الشنطي في مقاله السالف الذكر، وإسحاق حسون في مقدمة تحقيقه لكتاب الواسطي أن كتاب الواسطي أول كتاب على وجه الاستقلال في هذا الموضوع. قلتُ: وقفتُ على من ألّف في الفضائل قبله، فذكر الذهبي في السير (١٤/ ٧٨) أنَّ الوليد بن حماد الرملي له مصنف في (فضائل بيت المقدس) وكان في القرن الثالث الهجري.

<<  <   >  >>