(ظ/٧) وَجَعَلَ سُلَيمَانُ بنُ دَاوُدَ - عليها السلام - سِلسِلَةً مُعَلَّقَةً مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرضِ، وَإِنَّ رَجُلًا يَهُودِيًّا كَانَ قَد استَودَعَهُ رَجُلٌ مِئَةَ دِينَارٍ، فَلَمَّا طَلَبَ الرَّجُلُ وَدِيعَتَهُ جَحَدَهُ ذَلِكَ اليَهُودِيُّ، فَارتَفَعُوا إِلَى ذَلِكَ المَقَامِ عِندَ السِّلسِلَةِ، فَعَمَدَ اليَهُودِيُّ بِمَكرِهِ وَدَهَائِهِ فَسَبَكَ تِلكَ الدَّنَانِيرَ، وَحَفَرَ لَهَا في عَصَاهُ فَجَعَلَهَا فِيها، فَلَمَّا أَتَى ذَلِكَ المَقَامَ دَفَعَ العَصَا إِلَى صَاحِبِ الدَّنَانِيرِ، وَقَبَضَ عَلَى السِّلسِلَةِ، ثُمَّ حَلَفَ بِاللهِ لَقَد أَعطَاهُ دَنَانِيرَهُ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيهِ صَاحِبُ الدَّنَانِيرِ العَصَا، وَأَقبَلَ حَتَّى أَخَذَ السِّلسِلَةَ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَم يَأخُذهَا مِنهُ، وَمَسَّا كِلَاهُمَا السِّلسِلَةَ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِن ذَلِكَ، وَارتَفَعَت السِّلسِلَةُ مِن ذَلِكَ اليَومِ. وَكَانَ النَّاسُ قَبلَ ذَلِكَ مَن كَان مُحِقًّا مَسَّ السِّلسِلَةَ، وَمَن كَانَ مُبطِلًا ارتَفَعَت فَلَم يَنَلْهَا.
وَجَعَلَ سُلَيمَانُ بنُ دَاوُدَ أَيضًا تَحتَ الأَرضِ مَجلِسًا وبِركَةً، وَجَعَلَ فِيهَا مَاءً، وَكَانَ عَلَى وَجهِ ذَلِكَ المَاءِ بُسُطٌ وَمَجلِسُ رَجُلٍ عَظِيمٍ أَو قَاضٍ جَلِيلٌ، فَمَن كَانَ عَلَى البَاطِلِ إِذَا وَقَعَ في ذَلِكَ الماءِ غَرِقَ، وَمَن كَانَ عَلَى الحَقِّ لَم يَغرِق.
فَلَمَّا سَارَ إِلَى بَيتِ المَقدِسِ وَرَأَى هَذِه العَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَهَا الضَّحَّاكُ ابنُ قَيسٍ وَسُلَيمَانُ بنُ دَاوُدَ، أَوحَى اللهُ - عز وجل - إِلَيهِ: «إِنَّكَ مَيِّتٌ، وَإِنَّ أَجَلَكَ قَد حَضَرَ»، وَكَانَ ذُو القَرنَينِ آخِرُ مَن كَانَ مِنَ المُلُوكِ في ذَلِكَ الزَّمَانِ، قَد أَوسَعَ أَهلَ الأَرضِ عَدلًا، وَكَانَ آخِرَ مُلُوكِ الأَرضِ مِن أَهلِ الخَيرِ، وَقَد كَانَ كَبِرَ وَدَقَّ عَظمُهُ وَنَحُلَ جِسمُهُ، وَطَعَنَ في السِّنِّ وَانقَضَى عُمُرُهُ، وَأَصَابَ نَهمَتَهُ مِنَ المَشرِقِ إِلَى المَغرِبِ وَجَمِيعِ البِلَادِ، وَلَم يَأتِهَا أَحَدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute