للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن جَهرِهِم بالكُفرِ ورَفعِ أَصوَاتِهِم، يَقُولُونَ: يَا لَدِينِ الصَّلِيبِ! وَإِظهَارِ كُتُبِهِم ورَفعِ الصُّلبَانِ عَلَى رُؤُوسِهِم، وغَيرِ ذَلكَ مِنَ الأُمُورِ التِي تَقشَعِرُّ مِنهَا الأجسادُ.

ثُمَّ لمّا تُوُفِّيَ الحَاكمُ بِأَمرِ اللهِ في شَوَّالَ سنةَ إِحدَى عَشرَةَ وأَربَعِ مِئَةٍ، وَلِيَ بعدَهُ الظَّاهِرُ لِإِعزَازِ دِينِ اللهِ أبُو الحَسنِ عَلِيٌّ، واستَمَرَّ إِلَى أَن تُوُفِّيَ في شَعبَانَ سنةَ سبعٍ وعِشرِينَ وأربعِ مِئَةٍ.

ثُمَّ تَوَلَّى بَعدَهُ المُستَنصِرُ باللهِ أبُو تَمِيمٍ مَعَدٌّ، فَهَادَنَ مَلِكَ الرُّومِ عَلَى أَن يُطلِقَ خمسةَ آلافِ أَسِيرٍ لِيُمَكَّنَ مِن عِمَارَةِ قُمَامَةَ التِي كَانَ خَرَّبَهَا جَدُّهُ الحاكمُ في أيَّامِ خِلَافَتِهِ، فَأطلَقَ الأَسرَى، وَأخرَجَ مَلِكُ الرُّومِ عَلَيهَا أموَالًا عَظِيمَةً.

قُلتُ: والذِي يَظهَرُ أنَّ تَخرِيبَهَا لَم يكُن تَخرِيبًا كُلِّيًّا، بَل كَانَ في غَالِبِهَا. واللهُ أعلمُ.

ورَأَيتُ في بعضِ التَّوَارِيخِ (١): أنَّهُ في سنةِ سبعٍ وأربعِ مِئَةٍ في ربيعِ الأوَّلِ احتَرَقَ مَشهَدُ الحُسَينِ بِنِ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - (٢) بِشَرَارَةٍ وَقَعَت مِن بَعضِ الشَّعَّالِينَ مِن حَيثُ لَم يَشعُر.

وَوردَ الخَبَرُ بتَشَعُّبِ الرُّكنِ اليَمَانِيِّ مِن المَسجِدِ الحَرَامِ، وسُقُوطِ جِدَارٍ بَينَ يَدَي قبرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنَّهُ سَقَطَت القُبَّةُ الكَبِيرَةُ التِي عَلَى صَخرَةِ بَيتِ المَقدِسِ. قالَ النَّاقِلُ: وهَذَا مِن أَغرَبِ الاتِّفَاقَاتِ وَأَعجَبِهَا!

قُلتُ: وَلم أطَّلِع عَلَى حقِيقَةِ الحَالِ في سُقُوطِ القُبَّةِ التِي عَلَى الصَّخرَةِ ولَا إِعَادَتِهَا، والظَّاهِرُ أنَّ السُّقُوطَ كانَ في بَعضِهَا لَا في كُلِّهَا. واللهُ أعلمُ.


(١) هو «البداية والنهاية» للحافظ ابن كثير - رحمه الله - (١٥/ ٥٧٠).
(٢) ذكر ابن كثير أنه بكربلاء.

<<  <   >  >>