يَا ابنَ عَمِّي! إِن تُحَدِّث بِهَا قُرَيشًا فَيُكَذِّبُكَ مَن قَد صَدَّقَكَ».».
قَالَت: «فَضَرَبَ بِيَدِيه رِدَاءَهُ مِن يَدَيَّ فَسَلَّهُ، فَارتَفَعَ رِدَاؤُهُ عن بَطنِهِ، فَنَظَرتُ إِلَى عَكَنَةٍ فَوقَ إِزَارِهِ كَأَنَّهَا طَيُّ القَرَاطِيسِ، فَدَعَوتُ جَارِيةً لِي، فَقُلتُ لَهَا: «اتبَعِيهِ، فَانظُرِي مَاذَا يَقُولُ، وَمَا يُقَالُ لَهُ»، فَانتَهَى إِلَى المَلَإِ مِن قُرَيشٍ، فَقَالَ: «إِنِّي صَلَّيتُ البَارِحَةَ في هَذَا المَسجِدِ، وَصَلَّيتُ بِهِ الفَجرَ، وَأَتَيتُ فِيمَا بَينَ ذَلِكَ بَيتَ المَقدِسِ»، فَأَعظَمُوا ذَلِكَ، وَضَجُّوا، وَقَالَ مُطعَمُ بنُ عَدِيٍّ: «كُلُّ أَمرِكَ قَبلَ اليَومِ كَانَ بِنَا عِندَ قَولِكَ اليَومَ! نَحنُ نَضرِبُ أَكبَادَ الإِبِلِ مَصعَدَةً شَهرًا وَمُنحَدَرَةً شَهرًا، وَأَنتَ تَزعُمُ أَنَّكَ أَتَيتَهَا في لَيلَةٍ! وَاللهِ لَا نُصَدِّقُكَ، وَمَا كَانَ هذَا الَّذِي نَقُولُ فِيكَ»، قَالَت قُرَيشٌ: «بِئسَ مَا قُلتَ لِابنِ أَخِيكَ! جَبَهتَهُ وَكَذَّبتَهُ»، قَالُوا: «فَصِف لَنَا بَيتَ المَقدِسِ»، قَالَ: «دَخَلتُ لَيلًا، وَخَرَجتُ مِنهُ لَيلًا»، ـ قَالَ: ـ فَأَتَاهُ جِبرِيلُ - عليه السلام - بِصُورَتِهِ في جَنَاحِهِ، فَقَالَ لَهُم رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «سَلُونِي عَمَّا شِئتُم مِنهُ»، فَجَعَلَ يَقُولُ: «بَابًا مِنهُ كَذَا في مَوضِعِ كَذَا، وَبَابًا مِنهُ كَذَا في مَوضِعِ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ مَوضِعُ كَذَا كَذَا»، وَأَبُو بَكرٍ يَقُولُ لَهُ: «صَدَقتَ صَدَقتَ»، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَومَئِذٍ الصِّدِّيقَ، ـ قَالَ: ـ فَقَالُوا: «يَا أَبَا بَكرٍ! دَعنَا؛ فَأَنتَ أَعلَمُنَا بِبَيتِ المَقدِسِ، دَعنَا نَسأَلُهُ عَمَّا هُوَ أَغنَى بِنَا مِمَّا أَنتُم فِيهِ مُنذُ اليَومَ، أَخبِرنَا عن عِيرٍ مِنَّا»، قَالَ: «نَعم! أَتَيتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ، فَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَقَد أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُم، فَانطَلَقُوا يَطلُبُونَهُ، فَأَتَيتُ إِلَى مَاءٍ في قَدَحٍ فَشَرِبتُ مِنهُ، فَسَلُوهُم عن ذَلِكَ، وَأَتَيتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ، فَنَفَرَت مِنِّي، فَبَرَكَ بَعِيرٌ، فَلَا أَدرِي أَنكَسَرَ أَم لَا؟، فَسَلُوهُم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute