للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكُلُّ حَدِيثٍ في الصَّخرَةِ فَهُوَ كَذِبٌ مُفتَرَى، وَالقَدَمُ الذِي فِيهَا كَذِبٌ مَوضُوعٌ مِمّا عَمِلَتهُ أَيدِي المُزَوِّرِينَ. وَأَرفَعُ شَيءٍ في الصَّخرَةِ أَنَّهَا كانت قِبلَةَ اليَهُودِ، وَهِي في المَكَانِ كَيَومِ السَّبتِ في الزَّمَانِ، أَبدَلَ اللُه بِهَا الأُمَّةَ الكَعبَةَ البَيتَ الحَرَامَ.

وَلَمّا أَرَادَ أميرُ المُؤمِنِينَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - أَن يَبنِيَ المَسجِدَ الأَقصَى استَشَارَ النَّاسَ هَل يَجعَلُه أَمَامَ الصَّخرَةِ أَو خَلفَهَا؟ فَقَالَ لَهُ كَعبٌ: «يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ! ابنِهِ خَلفَ الصَّخرَةِ». فَقَالَ: «يَا ابنَ اليَهُودِيَّةِ! خَالَطَتكَ اليَهُودِيَّةُ! بَل أَبنِيهِ أَمَامَ الصَّخرَةِ؛ حَتَّى لَا يَستَقبَلَهَا المُصَلونَ». فَبَنَاهُ حَيثُ هُو اليَومَ.

وَقَد أَكثَرَ الكَذَّابُونَ مِن الوَضعِ في فَضَائِلِهَا وَفَضَائِلِ بَيتِ المَقدِسِ.

وَالذِي صَحَّ في فَضلِهِ قَولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسجِدِ الحَرَامِ وَالمَسجِدِ الأَقصَى وَمَسجِدِي هَذَا»، وَهُوَ في الصَّحِيحَينِ (١). وَقَولُهُ ـ مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ـ وَقَد سَأَلَهُ: «أَيُّ مَسجِدٍ وُضِعَ في الأَرضِ أَوَّلُ؟»، فَقَالَ: «المَسجِدُ الحَرَامُ»، قَالَ: «ثُمّ أَيُّ؟»، قَالَ: «المَسجِدُ الأَقصَى» الحديث، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (٢). وَحَدِيثُ عِبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو: «لَمّا بَنَى سُلَيمَانُ البَيتَ سَأَلَ رَبَّهُ ثَلَاثًا، سَأَلَهُ حُكمًا يُصَادِفُ حُكمَهُ، فَأَعطَاهُ إِيَّاه، وَسَأَلَهُ مُلكًا لَا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِن بَعدِهِ، فَأَعطَاهُ إِيَّاهُ، وَسَأَلَهُ أَن لَا يَؤُمَّ أَحَدٌ هَذَا البَيتَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا رَجَعَ مِن خَطِيئَتِهِ كَيَومِ وَلَدَتهُ أُمُّهُ، وَأَنَا أَرجُو أَن يَكُونَ قَد أَعطَاهُ اللهُ ذَلِكَ.»، وَهُوَ في مُسنَدِ أحمَدَ، وَصَحِيحِ الحَاكِمِ (٣).


(١) البخاري (١١٨٩)، ومسلم (١٣٩٧).
(٢) البخاري (٣٣٦٦)، ومسلم (٥٢٠).
(٣) أحمد (٢/ ١٧٦)، والحاكِم (١/ ٣٠ - ٣١). قلتُ: ذكر الإمام أبو حفص عمر بن بدر الموصلي الحنفي في كتابه (المغني عن الحفظ والكتاب) أنه لم يصح في فضائل بيت المقدس إلا ثلاثة أحاديث ـ ذَكر الحديثين المُتَقَدِّمين، ثم ثالِثًا وهو «أن الصلاة فيه تعدل سبعَ مئة صلاة.»، ويأتي نحوُه قريبا ـ، فتعقبه شيخُنا = ... = الشيخُ أبو إسحاق الحويني في كتابه (جنة المرتاب) (ص: ١٦٣) بأن هناك رابعًا، وذكر هذا الحديث ... ـ حديثَ ابنِ عمرو ـ، وصحّحه.

<<  <   >  >>