للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَدَاسَةِ القُدسِ إِنَّمَا قُصِدَ مِنهُ أَلَّا تَكُونَ مَحَجًّا لِلنَّاسِ مِثلَ مَكَّةَ؛ لِأنَّ بَعضَ المُسلِمِينَ كَادُوا يُسَاوُونَ بَينَ المَسجِدِ الحَرَامِ في مَكّةَ وَالمَسجِدِ الأَقصَى في القُدسِ، وَيستَشهِدُ عَلَى ذَلكَ بِبيتٍ للفَرَزدَقِ يَقُولُ فِيهِ:

وَبَيتَانِ، بَيتُ اللهِ نَحنُ حُمَاتُهُ ... وَبَيتٌ بِأَعلَى إِيلِيَاءَ مُشَرَّفُ (١)

ثُمّ يُحاوِلُ أَن يَعزُوَ الأَحَادِيثَ المُتَضَارِبَةَ حَولَ قَدَاسةِ القُدسِ عِندَ المُسلِمِينَ إِلَى جَدَلٍ حَولَ أَفضَلِيَّةِ إِحدَى المَدِينَتَينِ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، وَيَعتَرِفُ بِأنَّ الأَحَادِيثَ التِي تُقَلّلُ مِن أَهَمّيَّةِ القُدسِ لَم تُدَوَّن في كُتُبِ الحَدِيثِ. وَقَد استَعَانَ في عَددٍ مِن الأَحَادِيثِ التِي أَورَدَهَا لِلتّشكِيكِ في مَكانَةِ القُدسِ عِندَ المُسلِمِينَ بِأَحَادِيثَ نَسَبَ رُوَاتَهَا إِلَى الشِّيعَةِ (٢).

وَالجَدِيرُ بِالذِّكرِ أَنَّ هَذَا الكَاتِبَ، الذِي أَورَدَ مَا ذَكرنَاهُ في حَولِيَّةٍ بَلجِيكِيَّةٍ، هُوَ مِن مَعهَدِ الدِّرَاسَاتِ الآسيَوِيَّةِ وَالأَفرِيقِيَّةِ في الجَامِعَةِ العِبرِيَّةِ بِالقُدسِ المُحتَلَّةِ.

وَفِي كِتَابَةٍ لَاحِقَةٍ حَدِيثَةٍ لَهُ، يقولُ كِستَرُ إِنّ أحَادِيثَ فَضَائِلِ القُدسِ كَانَت مَعرُوفَةً وَشَائِعةً مُنذُ بِدَايةِ القَرنِ الثَّانِي الهِجرِيِّ؛ إِذ إِنَّ هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَرَدت في تَفسِيرِ مُقَاتِلٍ المُتَوفَّى سَنةَ ١٥٠ هـ، ـ ثُمّ يقُولُ ـ إِنّ عَددَ هذِه الأَحَادِيثِ سِتُّونَ، وَهِي تَحتَوِي مُعظَمَ العَنَاصرِ المَعرُوفَةِ لَدينَا فِيمَا كُتِبَ عن فَضَائلِ القُدسِ، وَقَد أَورَدَ ابنُ الفَقِيهِ في كِتَابِ (البُلدَانُ) هَذِهِ الأَحَادِيثَ بِرِوَايَةِ مُقَاتِلٍ. وَهُو يَرَى أَنّ مَادّةَ فَضَائِلِ القُدسِ انبَثَقَت في النِّصفِ الثَّانِي مِن القَرنِ


(١) انظر: (نقائض جرير والفرزدق) ط. ليدن (١٩٠٧)، (٢/ ٥٧١).
(٢) انظر: Le Museon, LXXXII, Louvian, ١٩٦٩, M. J. Kister: "You shall only set out for three mosques": a study of an early tradition, PP ١٧٨, ١٨٢, ١٨٧, ١٩١.

<<  <   >  >>