للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَكَادُ لَهُنَّ المُستَجَنُّ بِطَيبَةٍ (١) ... يُنَادِي بِأَعلَى الصَّوتِ: يَا آلَ هَاشِمِ!

أَرَى أُمَّتِي لَا يُشرِعُونَ إِلَى العِدَا ... رِمَاحَهُمُ، وَالدِّينُ وَاهِي الدَّعَائِم

وَيَجتَنِبُونَ النَّارَ خَوفًا مِنَ الرَّدَى ... وَلَا يَحسَبُونَ العَارَ ضَربَةَ لَازِم

أَيَرضَى صَنَادِيدُ الأَعَارِيبِ بِالأَذَى ... وَيُغضِي عَلَى ذُلٍّ كُمَاةُ الأَعَاجِم

فَلَيتَهُمُو إِذ لَم يَذُودُوا حَمِيَّةً ... عَنِ الدِّينِ ضَنُّوا غَيرَةً بِالمَحَارِم

وَإِن زَهِدُوا في الأَجرِ إِذ حَمِسَ الوَغَى ... فَهَلَّا أَتَوهُ رَغبَةً في المَغَانِمِ؟ (٢)

وَإِذَا كَانَ ذَلكَ لَم يُفِد كُلُّهُ شَيئًا فَإِنَّهُ لَم يَكُن نَتِيجَةَ صَدًى ضَعِيفٍ لِلأَحدَاثِ، وَإِنمَا كَانَ نَتِيجَةَ أَوضَاعٍ سَيِّئَةٍ كَانَتَ قَائِمَةً في المِنطَقَةِ، تَتَمَثَّلُ أَوَّلُ مَا تَتَمَثَّلُ في التَّمَزُّقِ السِّيَاسِيِّ، وَالعَدَاواتِ الصَّغِيرَةِ التِي كَانَت بَينَ مُتَوَلِّي الحُكمِ في تِلكَ الفَترَةِ العَصِيبَةِ مِنَ التَّارِيخِ الإِسلَامِيِّ.

وَخَيرُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ احتِلالَ القُدسِ عَلَى أَيدِي الفِرِنجِ قَد تَرَكَ أَثرًا هَائِلًا بَينَ المُسلِمِينَ، كَانَت لَهُ فِيمَا بَعدُ نَتَائِجُهُ الإِيجَابِيةُ، ذَلكَ الأَدَبُ الغَزِيرُ، وَلَاسِيَّمَا الأَدَبُ المَنظُومُ الذِي جَعَلَ مِن القُدسِ في رَدَّةِ الفِعلِ الأُولَى عِندَ الزِّنكِيِّينَ ثُمَّ عِندَ الأَيُّوبِيِّينَ مِحوَرَ الاستِثَارَةِ لِمُجَاهَدَةِ الصَّلِيبِيِّينَ وَتَخلِيصِ الأَرضِ المُحتَلَّةِ مِنهُم، إِلَى أَن استُعِيدَت القُدسُ فِعلًا، فَقِيلَ في استِنقَاذِهَا عَلَى يَدِ صَلَاحِ الدِّينِ شِعرٌ كَثِيرٌ وَكُتِبَ نَثرٌ كَثِيرٌ (٣).


(١) أي الرسول - صلى الله عليه وسلم -، المدفون في طيبة، وهي المدينة المنورة.
(٢) البداية والنهاية (١٢/ ٥٦)، وانظر كذلك في صدى سقوط القدس بيد الفرنج مخطوطة «المستقصى في فضائل المسجد الأقصى» (ص: ٣٤)، حيث عد احتلال الفرنجة للقدس أشد ما ابتلي به الإسلام.
(٣) انظر في ذلك مثلا: كتاب الروضتين في تاريخ الدولتين، ط القاهرة، ١٩٥٦، الجزء الأول ـ القسم الأول (ص: ١٠٢، ١٥٤، ١٨٠، ١٨٧، ١٩٩)، والجزء الأول ـ القسم الثاني ط. القاهرة ١٩٦٢، (ص: ٦٩١)، وكذلك كتاب «صدى الغزو الصليبي في شعر ابن القيسراني» لمؤلف هذا الكتاب: (ص: ١١٢، ١٢١،١٢٥،١٤٤،١٤٥). وانظر كذلك ردة الفعل الإسلامية لاستعادة القدس في مخطوطة «المستقصى في = = فضائل المسجد الأقصى» لنصر الدين العليمي (ص: ٣٩، ٤٠).

<<  <   >  >>