للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنود وغيرهم، أن يستعدوا للرحلة ويتهيئوا للنقلة إلى إرم ذات العماد تحت ركاب ملك الدنيا شداد، وأمر من أراد من نسائه وحرمه وجواريه وخدمه أن يأخذوا في الجهاد. فأقاموا في أخذ الأهبة لذلك عشرين سنة. ثم سار شداد بمن معه من الأحشاد مسروراً ببلوغ المراد حتى إذا بقي بينه وبين إرم ذات العماد مرحلة واحدة أرسل الله عليه وعلى من معه من الأمة الكافرة الجاحدة صيحةً من سماء قدرته، فأهلكتهم جميعاً بسوط عظمته وسطوته. ولم يدخل شداد ومن معه إليها ولا رأوها ولا أشرفوا عليها. ومحا الله آثار طرقها ومحجتها، فهي مكانها حتى الساعة على هيئتها.

فتعجب معاوية من إخبار كعب بهذا الخبر، وقال: هل يصل إلى تلك المدينة أحد من البشر؟ فقال: نعم، رجل من أصحاب محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وهو بصفة هذا الرجل الجالس بلا شك ولا إبهام.

وروى الشعبي عن علماء حمير من اليمن أنه لما هلك شداد ومن معه من الصيحة، ملك بعده ابنه شداد الأصغر، وكان أبوه شداد الأكبر استخلفه على ملكه بأرض حضرموت وسبأ، فأمر بحمل أبيه من تلك المفازة إلى حضرموت، وأمر فحفرت له حفيرة في مفازة فاستودعه فيها على سرير من ذهب، وألقى سبعين حلة منسوجة بقضبان الذهب ووضع عند رأسه لوحاً عظيماً من ذهب، وكتب فيه هذا الشعر:

اعتبر بي أيها المغ ... رور بالعمر المديد

<<  <   >  >>