اعلم وفقنا الله تعالى جميعاً إلى التفكر في عجائب صنعته وغرائب قدرته أن عقول العقلاء وأفهام الأذكياء قاصرة متحيرة في أمر النباتات وعجائبها وخواصها وفوائدها ومضارها ومنافعها، وكيف لا وأنت تشاهد اختلاف أشكالها وتباين ألوانها وعجائب صورة أوراقها وروائح أزهارها. وكل لون من ألوانها ينقسم إلى أقسام، كالحمرة مثلاً: وردي وأرجواني وسوسني وشقائقي، وخمري وعنابي وعقيقي، ودموي ولكي وغير ذلك، مع اشتراك الكل في الحمرة. ثم عجائب روائحها ومخالفة بعضها بعضاً، واشتراك الكل في طيب الرائحة وعجائب أشكال ثمارها وحبوبها وأوراقها دليل على وحدانية الله سبحانه وتعالى، ولكل لون وريح وطعم وورق وثمر وزهر وحب وخاصية لا تشبه الأخرى، ولا يعلم حقيقة الحكمة فيها إلا الله تعالى، والذي يعرفه الإنسان من ذلك بالنسبة إلى ما لا يعرفه كقطرة من بحر.
حكى المسعودي أن آدم عليه السلام لما أُهبط من الجنة خرج ومعه ثلاثون قضيباً مودعة أصناف الثمار: منها عشرة لها قشر، وهي: الجوز واللوز والفستق والبندق والشاهبلوط والصنوبر والرمان والنارنج واللوز والخشخاش. ومنها عشرة لا قشر لها، ولثمارها نوى، وهي: الرطب والزيتون والمشمش والخوخ