وهذا البحر شعبة من بحر الهند، جنوبيه بلاد بربر والحبشة؛ وعلى ساحله الشرقي بلاد العرب وعلى ساحله الغربي بلاد اليمن. والقلزم اسم لمدينة على ساحله؛ وهو البحر الذي غرق فيه فرعون؛ وهو بحر مظلم موحش لا خير فيه باطناً ولا ظاهراً؛ وفي هذا البحر جزائر كثيرة وغالبها غير مسكونة ولا مسلوكة.
فمن جزائره جزيرة قريبة من أيلة يسكنها قوم يقال لهم بنو حداب؛ ليس لهم زرع ولا ضرع ولا ماء عذب؛ معاشهم من السمك؛ وبيوتهم السفن المكسرة، ويشحذون الماء والخبز ممن يمر بهم من المسافرين؛ وعندهم دوارة في سفح جبل إذا وقع الريح عليها انقسمت قسمين ويلقي المراكب بين شعبين متقابلين فيثور الريح بينهما ويخرج من كليهما متخالفين، فتنقلب المركب بمن فيها؛ وقيل إن هذا الموضع غرق فيه فرعون.
وجزيرة الجساسة: وبها دابة تجس الأخبار وتأتي بها إلى الدجال؛ قال تميم الداري رضي الله عنه؛ وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد اختطفته الجن من صحن داره؛ ومكث في بلاد الجن وغيرها مدة طويلة ورأى العجائب وقصته طويلة مشهورة؛ قال: وركبنا هذا البحر فأصابتنا ريح عاصف ألجأتنا إلى هذه الجزيرة فإذا نحن بدابة استوحشنا منها وقلنا لها: ما أنت؟ قالت: أنا