وهو بحر الأتراك، وهو في جهة الشمال، شرقيه جرجان وطبرستان وعلى شماله بلاد الخزر، وغربيه اللان وجبال القبق، وعلى جنوبه الجبل والديلم. وهو بحر واسع ولا اتصال له بشيء من البحار، وهو بحر صعب خطر المسلك سريع الهلاك شديد الاضطراب والأمواج، لا جزر فيه ولا مد، وليس فيه شيء من اللآلئ والجواهر.
ذكر السمرقندي في كتابه: أن ذا القرنين أراد أن يعرف ساحل هذا البحر، فبعث قوماً في مركب وأمرهم بالمسير فيه سنة كاملة لعل أن يأتوه بخبر ساحل؛ فساروا بالمركب سنة كاملة فلم يروا شيئاً سوى سطح الماء وزرقة السماء، فأرادوا الرجوع فقال بعضهم: نسير شهراً آخر لعلنا أن نرجع بخبر. فساروا شهراً آخر فإذا هم بمركب فيه أناس فالتقى المركبان ولم يفهم أحدهم كلام الآخر، فدفع قوم ذي القرنين إليهم امرأة وأخذوا منهم رجلاً ورجعوا إلى الإسكندر وأخبروه بالأمر. قال: فزوج الإسكندر الرجل بامرأة من عسكره فأتت بولد يفهم كلام الوالدين، فقال له: سل أباك من أين جئت؟ فسأله فقال: جئت من ذلك الجانب. فقيل له فهل هناك ملك؟ قال: نعم أعظم من هذا الملك. قيل: فكم لكم في البحر؟ قال: سنتين وشهرين.
وقيل: إن دور هذا البحر ألفان وخمسمائة فرسخ، وطوله ثمانمائة فرسخ وعرضه ستمائة فرسخ، وهو مدور الشكل، إلى الطول أميز.
وبهذا البحر عجائب كثيرة:
منها: ما ذكره أبو حامد عن سلام الترجمان رسول الخليفة إلى ملك الخزر، قال: لما توجهت من عند الخليفة إليهم أقمت عندهم مدة فرأيتهم يوماً قد اصطادوا