[فصل في ذكر الكلام في مسائل عبد الله بن سلام لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام]
وفيها فوائد كثيرة وعلوم غزيرة تزيد هذا الكتاب رونقاً وبهجة وتفيد الناظر فيه استدلالاً وحجة روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم؛ وأُمر أن يكاتب ملوك الكفار وأن يدعوهم إلى عبادة الملك الجبار، كتب كتاباً إلى يهود خيبر، حيث كانوا أقرب الكفار إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، ما الذي أكتبه إليهم؟ فأملاه جبريل فقال: أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى يهود خيبر، أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والدين الخالص لله والعاقبة للتقوى، والسلام على من اتبع الهدى وأطاع الملك الأعلى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به فكتب ثم ختمه وأرسل به إلى يهود خيبر. فلما وصل إليهم أتوا به شيخهم وكبيرهم وحبرهم وعالمهم عبد الله بن سلام وكان اسمه قبل اسلامه أشماويل، فقالوا: يا ابن سلام هذا كتاب محمد قد أتانا فاقرأه علينا. فقرأه عليهم، ثم قال لهم: ما ترون؟ وقد علمتم أن في التوراة علامات تعرفونها وآيات لا تنكرونها، تظهر على يد محمد الذي بشر به موسى بن عمران؛ فإن