روي أنه كهيئة قرن، فيه بعدد كل روح ثقب. وله ثلاث شعب: شعبة تحت الثرى تخرج منها الأرواح وترجع إلى أجسادها، وشعبة تحت العرش منها يرسل الله الأرواح إلى الموتى، وشعبة في فم الملك ينفخ فيها. فإذا مضت الآيات والعلامات التي ذكرناها أُمر صاحب الصور أن ينفخ نفخة الفزع ويديمها ويطولها، فلا يبرح كذا عاماً. وهي المذكورة في قوله تعالى:" ما ينظُرون إلا صيحةً واحدة تأخذهُم وهم يخِصِّمون ". وكذلك في قوله تعالى:" ما ينظُرون إلا صيحة واحدةً ما لها من فَواقٍ ". وفي قوله تعالى:" ويومَ يُنفَخ في الصور ففزِع مَن في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ".
وإذا بدت الصيحة فزعت الخلائق وتحيرت وتاهت، والصيحة تزداد كل يوم مضاعفة وشدةً وشناعة. فينحاز أهل البوادي والقبائل إلى القرى والمدن، ثم تزداد الصيحة وتشتد حتى تتجاوز إلى أمهات الأمصار، وتعطل الرعاة السوائم وتفارقها، وتأتي الوحوش والسباع وهي مذعورة من هول الصيحة، فتختلط بالناس وتستأنس بهم، وذلك قوله تعالى:" وإذا العِشار عُطّلتْ، وإذا الوحوش حُشرت ". ثم تزداد الصيحة هولاً وشدة حتى تسير الجبال على وجه الأرض وتصيرَ سراباً جارياً، وذلك قوله تعالى:" وإذا الجبال سُيّرتْ " وقوله تعالى: " وتكون الجبالُ كالعِهْن المنفوش "