للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الحي يتشاورون في أمر الوليمة للملك في صبيحة تلك الليلة؛ فما أحسوا بها إلا وهي في وسطهم ثم مزقت أثوابها من طوقها إلى أذيالها وكشفت عن بطنها وفرجها، وأظهرت دمها ونظرت يميناً وشمالاً وقالت:

لا أحدٌ أذلّ من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس

يرضى بذا يا قوم بعلٌ حرّ ... من بعد ما ساق وسيق المهر

يقبضه الموت إذاً بنفسه ... حتفا ولا يصنع ذا بعرسه

فقام الأسود أخوها ورمى بثوبه عليها وسترها وبكى وأمر بردها إلى بيتها، فلم تفعل، وقالت وهي تحرض على قتل عمليق والقوم يسمعون:

أترضون ما يعزى إلى فتياتكم ... وأنتم رجال فيكم عدد النّمل

وتمشي سعاد في الدماء غريقة ... جهاراً وقد زفّت عروساً إلى بعل

فلو أننا كنا رجالاً وكنتم ... نساءً لكنا لا نقرّ بذا الفعل

وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه ... فكونوا نساءً لا تعدّمن الفحل

ودونكم طيب العروس فإنما ... خلقتم لأثواب العروس وللذل

فبعداً وسحقاً للذي ليس ينتخي ... ويختال يمشي بيننا مشية الرجل

قال فأخرجوها من بينهم ودبت في رؤوس القوم خمرة النخوة والمروءة فقاموا جميعاً إلى مكان آخر، فابتدأ الأسود أخو سعاد وقال: يا إخوتاه ويا بني عماه، قد رأيتم ماذا يصنع ببناتكم وقد اتفق لأختي ما اتفق لمن تقدمها فما الرأي؟ قالوا: ما ترى، فقال الأسود لو اجتمع رأيكم على واحد من بينكم وليتموه أمركم لا نكشف عنكم العار وانتصفتم من الأغيار، قالوا جميعاً: أنت ذلك الواحد فلا مخالف ولا معاند، وتحالفوا، فقال ائتوني بالغنم والبقر والإبل وانحروا وأكثروا من الذبح

<<  <   >  >>