جزيرة جابة: وهي كبيرة وبها الموز والنارجيل والأرز والقصب السكري الفائق، وبها العود، ويسكنها قوم شقر وجوههم، على صدورهم شعورهم، وأبدانهم كالناس. وبها جبل عظيم يرى عليه في الليل نار عظيمة ترى من خمسة عشر فرسخاً وبالنهار دخان، ولا يدنو أحد من ذلك الجبل على خمسة فراسخ إلا هلك.
وملك هذه المدينة اسمه جابة، وهو يلبس من الحلل حلة الذهب وتاجاً من ذهب مكللاً بالدر والياقوت والجواهر النفيسة، ودراهمه ودنانيره مطبوعة على صورته وهيئته، وهو يعبد صنماً، وصلاتهم غناء وتلحين وتصفيق بالأكف واجتماع الجواري الحسان ولعبهن بأنواع من التكسر والتخلع بين يدي المصلي، والكنيسة التي فيها الصنم فيها جوار حسان راقصات متخلعات معدودة لذلك، وذلك إن المرأة إذا ولدت عندهم بنتاً حسنة أخذتها أمها إذا كبرت وألبستها أفخر الملابس والحلي وذهبت إلى الكنيسة وتصدقت بها على الصنم وحولها أهلها وأقاربها من النساء والرجال، ويسلمها الخدمة إلى أناس عارفين بالرقص، والتخلع والتكسر فيعلمونها. ولهذا الملك جزائر كثيرة منها جزيرة هريج وجزيرة سلاهط وجزيرة مايط.
فأما جزيرة هريج: فإن بها خسفة متسعة نحو عشرة أميال مستديرة لا يعرف أحد قعرها ولا وقف أحد على قرارها وهي من عجائب الدنيا.
وجزيرة سلاهط: يجلب منها الصندل والسنبل والكافور. وذكر المسافرون أن بجزائر الكافور قوماً يأكلون الناس ويأخذون قحوفهم فيجعلون فيها الكافور والطيب ويعلقونها في بيوتهم ويعبدونها، فإذا عزموا على أمر وقصد سجدوا لتلك القحوف وسألوها عما يريدون ويقصدون، فتخبرهم عن كل ما يسألونها عنه من خير أو شر.