ومنها: سمكة خضراء أطول من ذراع؛ لها خرطوم طويل عظيم كالمنشار تضرب به من عارضها فتقده؛ وفي هذا البحر دردور صغير.
حكى القزويني: أن رجلاً من أصفهان ركبته ديون كثيرة ففارق أصفهان وركب هذا البحر صدفة مع تجار فتلاطمت بهم الأمواج حتى حلوا في الدردور ببحر فارس، فقال التجار للرئيس: هل تعرف لنا سبيلاً إلى الخلاص فنسعى فيه؟ فقال: إن سمح أحدكم بنفسه تخلصنا. فقال الرجل الأصفهاني المديون في نفسه: كلنا في موقف الهلاك وأنا قد كرهت الحياة وسئمت البقاء.
وكان في السفينة جمع من التجار الأصفهانيين، فقال الرجل لهم: هل تحلفون لي بوفاء ديوني وخلاص روحي وأقديكم بروحي وأوثركم بحياتي وتحسنون إلى عيالي ما استطعتم؟ فحلفوا له على ذلك وفوق ما شرط، فقال الأصفهاني للرئيس: ما تأمرني أن أفعل فقد سلمت نفسي لله طلباً لخلاصكم إن شاء الله تعالى، فقال له الرئيس: آمرك أن تقف ثلاثة أيام على ساحل هذا البحر وتضرب على هذا الدهل ليلاً ونهاراً ولا تفتر عن الضرب أبداً، قلت: أفعل إن شاء الله تعالى. فأعطوني من الماء والزاد ما أمكن.
قال الأصفهاني فأخذت الدهل والماء والزاد وتوجهوا بي نحو الجزيرة وأنزلوني بساحلها فأخذت وشرعت في ضرب الدهل فتحركت المياه وجرى المركب وأنا أنظر إليهم حتى غاب المركب عن بصري، فجعلت أطوف في تلك الجزيرة وإذا أنا بشجرة عظيمة وعليها شبه سطح فلما كان الليل وإذا بهدة عظيمة فنظرت فإذا طائر عظيم في الخلقة قد سقط على ذلك السطح الذي في الشجرة فاختفيت خوفاً منه، فلما كان الفجر انتفض بجناحيه وطار، فلما كان الليل جاء أيضاً وحط مكانه الذي حط فيه البارحة فدنوت منه فلم يتعرض لي بسوء ولا التفت إلي أصلاً وطار عند الصباح.