فمن جزائره المشهورة الجزيرة المحترقة: وهي جزيرة واغلة في هذا البحر قل أن يصل إليها أحد. قال بعض التجار: ركبت في هذا البحر فدارت بي الأوقات حتى نزلت في هذه الجزيرة فرأيت فيها خلقاُ كثيراً وأقمت بها زماناً وتأنست بأهلها وتعلمت لغتهم، فلما كان في بعض الأيام رأيت الناس مجتمعين ينظرون إلى كوكب طلع من أفقهم وهم يبكون ويلطمون ويتودعون، فسألت عن السبب فقالوا: إن هذا الكوكب يطلع بعد كل ثلاثين سنة مرة حتى إذا وصل إلى سمت رؤوسهم يركبون البحر ومعهم جميع ما يخافون عليه من المال والقماش والأمتعة فسامت الكوكب رؤوسهم فركبوا البحر وركبت معهم وصحبوا في المراكب جميع ما كان في الجزيرة مما يحمل وينقل، وسرنا وغبنا عن الجزيرة مدة ثم عدت معهم فوجدنا جميع ما كان بها من الأماكن والبنيان والأشجار وغيرها قد احترق وصار رماداً، فشرعوا في العمارة ثانياً ولا يزالون كذلك على الدوام، في كل ثلاثين سنة تحترق الجزيرة ويجددون بناءها.
ومن جزائره جزيرة الضوضاء: وهي مما يلي الزنج. حكى بعض التجار أن بها مدينة من حجر أبيض ولا ساكن بها، غير أنهم يسمعون بها جلبة وضوضاء يدخلها البحريون ويشربون من مائها ويحملون منه إلى المراكب، وهو ماء طيب عذب وفيه رائحة الكافور، وبقربها جبال عظيمة تتوقد منها نار عظيمة في الليل وحواليها حية