نهر النيل المبارك: ليس في الدنيا نهر أطول منه، لأنه مسيرة شهرين في الإسلام وشهرين في الكفر وشهرين في البرية وأربعة أشهر في الخراب. ومخرجه من بلاد جبل القمر خلف الاستواء، ويسمى جبل القمر، لأن القمر لا يطلع عليه أصلاً لخروجه عن خط الاستواء وميله عن نوره وضوئه؛ ويخرج من بحر الظلمة ويدخل تحت جبال القمر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن النيل يخرج من الجنة ولو التمستم فيه حين يخرج لوجدتم من ورقها.
وكان عبقام وهو هرمس الأول قد حملته الشياطين إلى هذا الجبل المعروف بالقمر ورأى النيل كيف يخرج من البحر الأسود ويدخل تحت جبل القمر، وبنى في سفح ذلك الجبل قصراً فيه خمسة وثمانون تمثالاً من نحاس، جعلها جامعة لما يخرج من الماء من هذا الجبل معاقد ومضاب مدبرة في إحكام، يجري منه الماء إلى تلك الصور والتماثيل فيخرج من حلوقها على قياس معلوم وأذرع معدودة، فتصب إلى أنهار كثيرة فيتصل بالبطيحتين ويخرج منهما حتى يصل إلى البطيحة الجامعة. وعلى هذه البطيحة بلاد السودان ومدينتها العظمى طرمى. وبالبطيحة جبل معترض يشقها ويخرج نحو الشمال مغرباً ويخرج النيل منه نهراً واحداً ويفترق في أرض النوبة، ففرقته إلى أقصى المغرب وعلى هذه الفرقة غالب بلاد السودان، والفرقة التي تنصب إلى مصر منحدرة من أرض أسوان تنقسم في مجرى البلاد على أربع فرق، كل فرقة إلى ناحية، ثم تصب في بحر الإسكندرية. ويقال إن ثلاثة منها تصب في البحر