وذكر محمد بن إبراهيم أن الأمير موسى بن خضر كان والياً على الري إذ ورد عليه كتاب من المأمون بن الرشيد يأمره بالشخوص إلى هذا الجبل وتعرف حال المحبوس به. قال: فوافينا حضيض الجبل وأقمنا به أياماً لا نرى الاهتداء لصعوده، حتى أتانا شيخ مسن طاعن وهو ذو همة عالية، فسألنا، فعرفناه أمر الخليفة فقال: أما هذا فلا سبيل إليه أصلاً، وإن أردتم صحة ذلك أريتكم عياناً! فاستحسن الأمير موسى كلامه وقال: هو القصد.
فعند ذلك صعد الشيخ بين أيدينا ونحن في الأثر فأوقفنا على موضع فبالغنا في حفره حتى انكشف لنا عن بيت منقور من الحجارة وفيه تمثال شخص على صورة عجيبة، يضرب بمطرقة على أعلاه ساعة بعد ساعة من غير فتور، فاستخبرنا الشيخ عن شأنه، فقال: هذا طلسم موضوع على بيوراسف الضحاك المحبوس ههنا لئلا ينحل من وثاقه؛ ثم أمرنا أن لا نتعرض للطلسم وأن نرده إلى ما كان عليه ففعلنا؛ ثم دعا بسلاسل وسلالم طوال فربط بعضها إلى بعض بالحبال وكلبها من أسافلها وأوساطها وأوقفها فارتفعت مقدار مائة ذراع ونقب موضعاً على رأس السلالم فظهر باب من حديد عليه مسامير كبار جداً مذهبة الرؤوس، فوصلنا إلى عتبة فوجدنا على الأسكفة كتابة بالفارسية كأنما كتبت الآن بالذهب مدهونة بأدهان التأبيد تنطق الكتابة عن كلام معناه أن على هذه القلة سبعة أبواب من حديد، على كل مصراع منها أربعة أقفال من حديد؛ وعلى العضادة مكتوب: هذا سجن لهذا الحيوان المفسد وله أمد ينتهي إلى غاية فلا يتعرض أحد إلى هذه الأقفال بمكروه، فإنه متى فتح أقفالها ولو قفلاً واحداً هجم على هذه البلاد آفة لا تندفع أبداً.
فقال الأمير موسى: لا أتعرض لشيء حتى أستأذن أمير المؤمنين فجاء الجواب برد البيت إلى ما كان وترك ذلك على حاله.