روى حماد بن زيد عن طاوس، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت بنو إسرائيل لموسى بن عمران عليه السلام: سل ربك منذ كم خلق الدنيا؟ فقال موسى: يا رب أما تسمع ما يقول عبادك؟ فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه: يا موسى إني خلقت أربعة عشر ألف مدينة من فضة، وملأتها خردلاً وخلقت لها طيراً، وجعلت رزقه كل يوم حبة من ذلك الخردل، فأكل الخردل حتى فني ما في الخزائن ومات الطير بعد استيفاء رزقه، ثم خلقت الدنيا، فقيل لابن عباس: فأين كان عرشه؟ قال: على الماء فقيل: فأين كان الماء؟ قال: على متن الريح.
وروي مثل هذا عن طاووس مرفوعاً، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: هذا شيء غامض صعب موكول إلى علم الله تعالى، إذ ليس يدرى ما الذي كان قبل هذا الخلق؟ أمثل هذا الخلق أم على خلافهم؟ وهل يعيد الدنيا بعد فناء هذه الدنيا أم لا. والأخبار واردة بأشياء عجيبة، والقدرة صالحة لأضعاف أضعاف ذلك.
وزعم بعض الناس أنه عد قبل آدم هذا الذي ننسب إليه ألف آدم ومائتي آدم، والله أعلم. وكله جائز لكونه تحت الإمكان ودخل في حد الإيجاد، فأما الذي لا يسوغ القول إلا به، ولا يلزم إلا اعتقاده، هو انفراد الله سبحانه جل جلاله عن خلقه سابقاً من غير شريك ولا جوهر قديم، وإبداعه الأشياء لا من شيء، سبحانه، لا إله إلا هو.