فإن هذه الآيات النازلة في الصحابة رضي الله عنهم بدليل قوله:{فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} من أعظم الأدلة على علو قدر الصحابة رضي الله تعالى عنهم عند الله تعالى، لأنها مصرحة بأنهم يذكرون الله تعالى ولا يفترون ولا يغفلون عن ذكره تعالى ولو في حالة الاضطجاع للنوم، فلا يتركون ذكر الله تعالى إلا في حالة النوم، وأنهم يتفكرون في آثار السموات والأرض للاستدلال على ثبوت وحدانية الله تعالى، قائلين:{إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} أي سمعنا نداء محمد صلى الله عليه وسلم فآمنا به طالبين الغفران وتكفير السيئات والوفاة على الإيمان مع الأبرار وعدم الخزي يوم القيامة. ثم أخبر تعالى أنه استجاب لهم جميع ما طلبوا وأنه لا يضيع أعمالهم. ثم فصّل أحوال المهاجرين منهم، فثبت بهذه الآية وفاتهم على الإيمان وفاة الأبرار الأخيار لأنهم طلبوه واستجاب لهم الله تعالى. وهل بعد استجابة الله تعالى لسؤالهم الموت مع الأبرار من شبهة في موتهم على الإيمان؟ نعم، الشبهة في قلوب الذين كفروا بآيات الله.