الذي كان فيما غبر من الأيام ملجأ مفتوحا من الشدائد قد اضمحلت حالته بعد ذلك وزالت عنه السعادة الأولى التي كان يرفل في حلاها، أو بعبارة أخرى كاد لا يبقى منه غير ظله بسبب ظلم الترك والمماليك وإهمالهم ولا سيما تبديد أمواله. ثم بلغ غاية اضمحلاله في سنة ١٨٥٦م وهجره المرضى ونقلت منه المجانين إلى يوم بولاق، وأجرت قاعاته ومرافقه، كأنه وكالة لمخازن الصناع وتجار النحاس، وظل كذلك إلى سنة ١٨٧٩ أي نحو ثمانين عاما إلى أن تولى المرحوم الدكتور حسين عوف بك أمر العلاج فيه فانتقل بذلك إلى العصر الجديد في العلاج، وتولى بعده في العلاج بالمارستان وغيره من الأطباء العصريين، إلى أن صحت عزيمة مصلحة الأوقاف في ذلك الزمن على تجديد بناء المارستان المنصوري في الحوش الواسع المتخلف عن المارستان القديم. فابتدأت في البناء وتشييد المارستان الجديد في عام ١٩١٢م وقدر له من النفقات ٨٤٠٠ جنيها مصريا ثم رتب عليها ستمائة جنيه فبلغ ما أنفق على تجديد البناء تسعة آلاف من الجنيهات وصرف نحو ستمائة جنيها ثمنا للأدوات والآلات اللازمة. وتم بناءه وأبتدأ العلاج فيه في ١٥ إبريل سنة ١٩١٥ حيث كانت الحرب العالمية مشتعلة الأوار في ذلك الزمن، فلم يحتفل بافتتاحه كما جرت العادة بذلك.