وفي سنة ٥٦٩هـ ١١٧٣م في رمضان كان الزمان ربيعا فتوالت الأمطار في ديار بكر والجزيرة والموصل فدامت أربعين يوما، فما رأينا الشمس فيها غير مرتين هذا قول ابن الأثير كل مرة مقدار لحظة، وخربت المساكن وغيرها وكثر الهدم ومات تحته كثير من الناس، وزادت دجلة زيادة عظيمة وكان أكثرها ببغداد فإنها زادت على كل زيادة تقدمت منذ بنيت بغداد بذراع وكسر، وخاف الناس الغرق وفارقوا البلد وأقاموا على شاطئ دجلة خوفا من انفتاح الفورج بمعنى السور أو السد وغيره، وكانوا كلما انفتح موضع بادروا بسده ونبع الماء في البلاليع وخرب كثير من الدور، ودخل الماء إلى المارستان العضدي ودخلت السفن من الشبابيك التي له فإنها كانت قد تقلعت، فمن الله على الناس بنقص الماء بعد أن أشرفوا على الغرق وفي يوم ٣ صفر سنة ٥٨٠هـ ١٧ مايو سنة ١١٨٤م دخل أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير بغداد سائحا ونزل في محلة منها، وكل محلة منها مدينة مستقلة. ومعلوم أن محلاتها كلها في الجانب الغربي من نهر دجلة أما الجانب الشرقي فكانت عمارته محدثة قال: وبين الشارع ومحلة