للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم شرع فيما يتعلق بإتباع المسنَد والفرق بينهما أن ذلك يتعلق بذاته، وهذا يتعلق بخارج عنه بلفظ خارج عنه.

ثم بَيَّن الأمور العارضة المتعلق بتوابع المسند إليه - وهو البحث الخامس - فبدأ بالوصف الذي هو النعت فقال رحمه الله تعالى:

. وَالْوَصْفُ لِلتَّبْيِين ... وَالمَدْحِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّعْيِينِ

يعني: ووصفه كذا للتبيين هكذا للتبيين نعم هذا خبر أو متعلق بمحذوف خبر المبتدأ (وَالمَدْحِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّعْيِينِ) هذه معطوفة عليه (وَالْوَصْفُ) أي: وصف المسند إليه، لماذا تصف المسند إليه؟ لماذا تأتي بالصفة؟ لأمور منها (لِلتَّبْيِين) وهو ما يُعَبّر عنه بالكشف، تبيين ما يسمى بالصفة الكاشفة يعني: يكون محتمل، فترفع الاحتمال أو تقلل الاشتراك، وهو ما يُعَبّر عنه بالكشف عن معناه، بأن احتاج إلى ذلك بأن يكون مبهمًا يحتاج إلى تعين كقوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: ٢، ٣]. {الَّذِينَ} هذا وصف للمتقين وهو صفة كاشفة، وكقوله أو قولك أنت: الجسم الطويل العريض العميق يحتاج إلى فراغ يشغله. الجسم الطويل العريض هذه كلها أوصاف كاشفة وليس كل جسم وإنما هو ما اجتمع فيه الصفات السابقة.

(وَالمَدْحِ) أي: إفادة المدح بالوصف نحو: زيد العالم جاءني. هذا فيه مدح لزيد {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] هذا نعت للمدح، ومنه: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. هذا مدح، وقد يأتي للذم أو الترحم.

(وَالتَّخْصِيصِ) أي: إفادة الوصف للتخصيص للمسند إليه، إرادة التخصيص يعني: إرادة إفادة تقليل الاشتراك أو رفع الاحتمال، وأراد بالتخصيص هنا ليس كالتخصيص عند النحاة، وإنما أراد به ما يعم تقليل الاشتراك ورفع الاحتمال الْمُعَبَّر عنه عند النحاة بالتوضيح أليس كذلك؟ النحاة تقول: الوصف إما مخصص أو موضح، مخصص في النكرات موضح في المعارف. هذا عند من؟

عند النحاة.

جاء رجل عظيم. قالوا: هذا تخصيص.

جاء زيد التاجر. قالوا: هذا توضيح.

فرق بينهما [أن النكرة] (١) أن الموصوف إذا كان نكرة فحينئذٍ يكون تخصيصًا، والموصوف إذا كان معرفة حينئذٍ يكون توضيحًا، عند البيانيين يجمعون المعنيين في معنى واحد وهو التخصيص فأيهما أعم؟

التخصيص عند البيانيين أعم من التخصيص عند النحاة، لماذا؟

لأن التخصيص عند النحاة تقليل الاشتراك فقط، وعند البيانيين تقليل الاشتراك ورفع الاحتمال، فانتبه للفوارق.

وأراد بالتخصيص هنا ما يَعُمُّ تقليل الاشتراك ورفع الاحتمال [الْمُعَبِّر عنه بالتوضيح أو $$ هل سبق أم أرادها الشيخ ٣١.٥٨] الْمُعَبَّر عنه بالتوضيح وعند النحاة التخصيص عبارة عن تقدير الاشتراك الحاصل في النكرات نحو قولك: جاء رجل عالم. قالوا: جاء رجل. رجل هذا يشمل الجاهل والعالم، فإذا قلت: عالم. قلت الاشتراك لماذا؟ لأنه بقي اشتراك ما هو؟ من هو هذا الرجل العالم زيد أو عمرو أو خالد بقي اشتراك، لكن هذا قللت الاشتراك، فإنه كان بحسب الوضع محتملاً لكل فرد من أفراد الرجال فلما قُلْتَ: عالم. قللت ذلك الاشتراك وخصصته بضرب من الأفراد المتصفة بالعلم.


(١) سبق مستدرك بعده مباشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>