الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فلا زال الحديث في المقصد الأول من المقاصد الثلاث في علم البيان، وقلنا: هو محصورٌ في ثلاثة مقاصد: التشبيه، ثم المجاز، ثم الكناية. وشرع في التشبيه وعرفنا حقيقته وأنه مقومٌ من أربعة أركان، وبَيَّنَ ما يتعلق بالركنين الأولين في قوله:
ثم شرع فيما يتعلق بالركن الثالث وهو وجه التشبيه. بعد إنهاء الكلام في الطرفين شرع في الكلام عن الجامع بينهما وهو وجه الشبه. ويُعَبِّرُ عنه السيوطي بـ (وجه التشبيه). وقدَّمَهُ على ما يليه لأن له مدخليةً في مفهوم التشبيه كالطرفين، فقالوا:(وَوَجْهُهُ) أي وجه الشبه واحدًا كان أو متعددًا، يكون وجه الشبه واحدًا، يعني شيئًا واحدًا، وقد يكون متعددًا كما يأتي (مَا اشْتَرَكَا فِيهِ)، (مَا) أي المعنى أو معنًى (اشْتَرَكَا) أي الطرفان الْمُشَبَّه والْمُشَبَّه به (فِيهِ) أي في ذلك المعنى الذي قُصِدَ اشتراك الطرفين فيه، والمراد هنا ليس مطلق المعنى لأنه كما مرَّ معنا أن قولك: زيدٌ كالأسد ثَمّ اشتراك في الوجود والحيوانية، وما يتعلق بأعراض كُلاًّ منهما ولكن المراد أن ثَمَّ معنًى وُجِدَ في الْمُشَبَّه به ووُجِدَ في الْمُشَبَّه، وأريد إلحاقه به، إذ التشبيه إلحاق الفرع بالأصل، والمراد المعنى الذي له زيادة اختصاصٍ بالْمُشَبَّه وقد اشتركا فيه كالشجاعة في قولك: زيدٌ كالأسد. الأسد لا شك أنه متفقٌ على أنه شجاع، ووُجِدَ [في] هذا الوصف في زيد قلت: زيدٌ كالأسدِ. في ماذا؟ في الشجاعة. إذًا كون هذا الوصف موجودًا في الْمُشَبَّه به هذا لا إشكال فيه، وإنما هل هو موجودٌ في الْمُشَبَّه باعتبار المتكلم؟ نعم، زيدٌ كالأسد. ثم قال:(وَجَا) بالقصر للضرورة وهو لغة مثل هذه يقال: لغة. وإن كان الشارح أنه قال: إنه بالقصر للضرورة (وَجَا ** ذَا) أي وجه الشبه، وجه الشبه ينقسم إلى نوعين: